للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ حَدًّا، فهذا حُكْمُ الزِّنَا وَمَا تَفَرَّعَ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ)

[الْقَوْلُ في اللواط]

وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي اللِّوَاطِ فَهُوَ إِتْيَانُ الذكر الذكر، وهو من أَغْلَظُ الْفَوَاحِشِ تَحْرِيمًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ من العالمين} إلى قوله {بل أنتم مُسْرِفُونَ} [الأعراف: ٨٠، ٨١] فَجَعَلَهُ مِنْ سَرَفِ الْفَوَاحِشِ، وَلِذَلِكَ عذب الله قوم لوط بالخسف ومطر عَلَيْهِ الْحَيَوَانَ الْبَهِيمَ حَتَّى لَا يَأْتِيَ ذَكَرٌ ذَكَرًا.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قوم لوط) .

وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ لَاطَ إِبْلِيسُ أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَةِ فَرْدًا لَا زَوْجَةَ لَهُ فَلَاطَ بنفسه فكانت ذريته منه) .

فإذا ثبت أَنَّهُ مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ فَفِيهِ أَغْلَظُ الْحُدُودِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا حَدَّ فِيهِ، وَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْحَجُّ وَلَا الصَّوْمُ وَلَا يَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ فَيَغْتَسِلُ، وَيُعَزَّرَانِ ويحبسان حتى يتوبا استدلالا بأن مَا لَمْ يَنْطَلِقْ عَلَيْهِ اسْمُ الزِّنَا لَمْ يجب فيه حد كالاستمتاع بما دون الفرج؛ لأنه اسْتِمْتَاعٌ لَا يُسْتَبَاحُ بِعَقْدٍ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ حد الاستمتاع وبمثله مِنَ الزَّوْجَةِ وَلِأَنَّ أُصُولَ الْحُدُودِ لَا تَثْبُتُ قياساً.

دليلنا رِوَايَةُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>