للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضْمَنْ شُهُودُ الْإِحْصَانِ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهَا ضَمِنُوا، ولقوله وجه، فَعَلَى هَذَا إِذَا ضُمِنَ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ، فَفِي قَدْرِ الضَّمَانِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَهُوَ الظاهر من رواية المزني: اعتباراً بأعداد الجمع.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: نِصْفُ الدِّيَةِ، اعْتِبَارًا بِأَنَّهُمَا أَحَدُ خبرين، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الزِّنَا الْأَرْبَعَةُ، وَلَمْ يَرْجِعْ شاهداً الإحصان ضمنوا.

وفي قدر ما يلزمهم ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: جَمِيعُ الدِّيَةِ إِذَا قِيلَ: إِنَّ شُهُودَ الْإِحْصَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُونَ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ إِذَا قِيلَ: إِنَّ شاهدي الإحصان يضمنان الثلث.

والوجه الثالث: لو رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ شُهُودِ الزِّنَا وَوَاحِدٌ مِنْ شهود الإحصان ففيها ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ عَلَى شَاهِدِ الزِّنَا ربع الدية، ولا شيء على شاهدي: الإحصان إذا قيل بخروجهم عَنِ الضَّمَانِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَى شَاهِدِ الزنا سدس الدية، وعلى شاهد الإحصان سُدُسُ الدِّيَةِ إِذَا اعْتُبِرَ عَدَدُ الْجَمِيعِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ عَلَى شَاهِدِ الزِّنَا ثُمُنَ الدِّيَةِ، وَعَلَى شَاهِدِ الْإِحْصَانِ رُبُعُ الدِّيَةِ إِذَا اعْتُبِرَ كل خبر.

(فَصْلٌ)

وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَأَنْكَرَ الْإِحْصَانَ وَكَانَ لَهُ زَوْجَةً لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ إِحْصَانُهُ.

وَقَالَ أَبُو حنيفة: يثبت إحصانه بولد مِنْ زَوْجَتِهِ احْتِجَاجًا بِأَنَّ لُحُوقَ الْوَلَدِ بِهِ إِنَّمَا يَكُونُ لِإِجْرَاءِ حُكْمِ الْوَطْءِ عَلَيْهِ، وَإِذَا جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَطْءِ فِي لُحُوقِهِ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَطْءِ فِي إِحْصَانِهِ وَكَمَالِ الْمَهْرِ بِهِ.

وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبَهَاتِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا دُونَ الْفَرْجِ فَاسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فلحق به الولد، ولم يثبت له الْحَصَانَةُ، فَأَمَّا كَمَالُ الْمَهْرِ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ فَفِيهِ قولان:

أحدهما: لا يكمل كما لا تثبت الْحَصَانَةُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَكْمُلُ الْمَهْرُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتِ الْحَصَانَةُ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ تُدْرَأُ بِهَا الْحُدُودُ دون الحقوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>