للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ السُّلْطَانُ الْمُكْرِهُ غَيْرُ إِمَامٍ، فَلَا تَخْلُو الدَّارُ مِنْ إِمَامٍ، وَأَنْتَ تسوي بين الأمرين فلم يصح التعليل.

وَالثَّانِي: أَنَّ خُلُوَّ الدَّارِ مِنْ إِمَامٍ لَا يُوجِبُ إِسْقَاطَ الْحُدُودِ كَمَا لَمْ يُوجِبِ اسْتِبَاحَةَ أَسْبَابِهَا، وَكَذَلِكَ دَارُ الْحَرْبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فيها.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وَحَدُّ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ أُحْصِنَا بِالزَّوَاجِ أَوْ لَمْ يُحْصَنَا نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ وَالْجَلْدُ خَمْسُونَ جَلْدَةً وقال في موضع آخر أستخير الله في نفيه نصف سنة وقطع في موضع آخر بأن ينفى نصف سنة (قال المزني) رحمه الله قلت أنا وهذا بقوله أولى قياسا على نصف ما يجب على الحر من عقوبة الزنا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، حَدُّ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ إِذَا زَنَيَا الْجَلْدُ وَإِنْ تَزَوَّجَا دُونَ الرجم، وزعم بعض أهل الظاهر أن عليهم الرَّجْمَ إِذَا تَزَوَّجَا احْتِجَاجًا بِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) ، لأن ما أوجب إراقة الدم حد استوى فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ كَالْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ، وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ قَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُهُ فِي اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْإِحْصَانِ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَحْرَارِ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥] وَأَمَّا الْقَتْلُ بِالرِّدَّةِ وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَلِأَنَّهُمَا لَا يَرْجِعَانِ إِلَى بَدَلٍ فَاسْتَوَى فِيهِمَا الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَلَمْ يَتَنَصَّفْ فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ، ولما كان للرجم في الزنا بدليتنصف وَهُوَ الْجَلْدُ سَقَطَ الرَّجْمُ عَنْهُ إِلَى الْبَدَلِ الَّذِي يَتَنَصَّفُ وَهُوَ الْجَلْدُ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ سُقُوطُ الرَّجْمِ عَنِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فَحَدُّهُمَا الْجَلْدُ، واختلف الناس فيه فمذهب الشافعي، وأبي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: أَنَّهُمَا يُحَدَّانِ نِصْفَ حَدِّ الزِّنَا خمسون جَلْدَةً.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِنْ تَزَوَّجَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْجَلْدِ، وَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا.

وَقَالَ دَاوُدُ عَلَى الْعَبْدِ جَمِيعُ الْحَدِّ تَزَوَّجْ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ.

وَأَمَّا الْأُمَّةُ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَعَلَيْهَا نصف الحد وإن لم تتزوج فعنه رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: عَلَيْهَا حَدٌّ كَامِلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>