للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَجْنُونِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يَمْلِكُ إِقَامَةَ الْحَدِّ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَمْلِكْ إِقَامَتَهُ بِالْإِقْرَارِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلِأَنَّهُ حَدٌّ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ إِقَامَتَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ فَلَمْ يَمْلِكْ إِقَامَتَهُ عَلَيْهِ فِي حَالِ رِقِّهِ كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ.

وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَهَذَا نَصٌّ.

فَإِنْ قِيلَ: يَعْنِي بِإِذْنِ الْإِمَامِ ففيه وجهان:

أحدهما: إن إطلاقه يمنع من هذا التقييد.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُسْقِطُ فَائِدَةَ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَذِنَ لِغَيْرِ السَّيِّدِ جَازَ.

وَرَوَى الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هريرة قال: جاء رجل بوليده إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال له: رسول الله إن جارتي زَنَتْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اجلدها خمسين، فإن عَادَتْ فَعُدْ، وَإِنْ عَادَتْ فَعُدْ) ، وَفِي الرَّابِعَةِ: " فإن عَادَتْ فَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ)

وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ فَإِنْ عَادَتْ فَزَنَتْ فَتَبَيَّنَ زناها فليبعها ولو بعقد مِنْ شَعْرٍ) وَمَعْنَى لَا يُثَرِّبُ أَنْ لَا يُعَيِّرَ فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ نَهَاهُ عَنْ تَعْيِيرِهَا وَالتَّثْرِيبِ عَلْيَهَا وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ فَعَنْهُ جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَهَاهُ عَنِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ دون الحد.

والثاني: أن التعبير والتثريب تعزير يَسْقُطُ مَعَ الْحَدِّ.

فَإِنْ قِيلَ: يَحْمِلُ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْجَلْدِ عَلَى التَّعْزِيرِ دُونَ الْحَدِّ فَعَنْهُ جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ إِطْلَاقَ الْحَدِّ يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ التَّعْزِيرِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَدَّ يسقط بالتعزير، ولأنه إجماع الصحابة.

روى حسن بن محمد أن فاطمة عليها السلام جلدت أمة لها الحديث.

وَرُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَطَعَتْ جَارِيَةً لَهَا سَرَقَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>