للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَرَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ فَقَالَ صَفْوَانُ إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فهلا قبل أن تأتيني به) .

[(فصل)]

روى الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " لا يزني المؤمن حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) .

وَيُحْتَمَلُ تَأْوِيلُهَا أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِلُّهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا مَنْصُوصٌ فَيَكْفُرُ بِاسْتِحْلَالِهَا.

وَالثَّانِي: يَعْنِي لَا يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ يَمْتَنِعُ مِنْهَا.

وَالثَّالِثُ: مَعْنَاهُ لَا يُصَدِّقُ أَنَّهُ يُحَدُّ إن زنا، وَيُقْطَعُ إِنْ سَرَقَ، وَيُجْلَدُ إِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ لَامْتَنَعَ مِنْهُ وَلَمْ يُقَدَّمْ عَلَيْهِ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ قَالَهُ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ عَنْهَا كَمَا قَالَ: " مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ غَلَّ صَدَقَتَهُ فَإِنَّا آخذوها منه وشطر ماله) .

[(فصل)]

وقطع السارق حق مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الْمَحْضَةِ، وَالْغُرْمُ فِيهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْمَحْضَةِ.

فَأَمَّا الْغُرْمُ فَيَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهُ قَبْلَ عِلْمِ الْإِمَامِ وَبَعْدِهِ.

وَأَمَّا الْقَطْعُ فيصح العفو عنه قبل علم الإمام به، وَلَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهُ بَعْدَ عِلْمِهِ؛ لِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال لصفوان بن أمية في سارق ردائه حين قال: هو لو صَدَقَةٌ فَقَالَ: " هَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ، اشْفَعُوا مَا لَمْ يَصِلْ إِلَى الْوَالِي، فَإِذَا وصل إلى الوالي فعفى فلا عفا الله عنه) فأمر بقطعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>