للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ: أَنَّهُمَا لَا يُقْطَعَانِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الدَّاخِلَ إِلَى الْحِرْزِ مَا أَخْرَجَهَا من جميعه، والآخذ بها من النقب لم يأخذها من حرز فَلَمْ يُوجَدْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا شُرُوطُ الْقَطْعِ فَسَقَطَ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: اللِّصُّ الظَّرِيفُ لَا يُقْطَعُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا غَيْرُ الْمُعَاوِنِ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، كَذَلِكَ إِذَا أَخَذَهَا الْمُعَاوِنُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ لَا يَجِبُ بِالْمُعَاوَنَةِ وَإِنَّمَا يجب بالأخذ.

والضرب الثاني: يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِالنَّقْبِ وَلَا يَدْخُلُ الْحِرْزَ، وَيَدْخُلُ الْآخَرُ فَيُخْرِجَهَا وَلَمْ يُشَارِكْ فِي النَّقْبِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا فَأَجْرَاهَا كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَجْرَى الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَخَرَجَ وُجُوبُ قَطْعِهِمَا عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قولاً واحداً؛ لأن كل واحد منهما تفرد بِأَحَدِ شَرْطَيِ الْقَطْعِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَرِكَا في النقب فيدخل أَحَدُهُمَا فَيَأْخُذُ السَّرِقَةَ وَيُخْرِجُهَا، فَيَقْطَعُ مَخْرَجَهَا؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ هَتْكِ الْحِرْزِ وَالْإِخْرَاجِ، وَلَا يُقْطَعُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِالنَّقْبِ دُونَ الْإِخْرَاجِ.

وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَحْضُرَ وَاحِدٌ فَيُنَقِّبُ الْحِرْزَ وَيَخَافُ الطَّلَبَ فَيَهْرُبُ وَيَأْتِي آخَرُ لَمْ يَشْهَدِ النَّقْبَ فيدخله حين زاع وَيُخْرِجُ السَّرِقَةَ مِنْهُ، فَلَا قَطْعَ عَلَى نَاقِبِ الحرز لا يختلف؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ إِلَّا النَّقْبُ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، وَأَمَّا الْأَخْذُ لَهَا فَإِنْ كَانَ النَّقْبُ قَدِ اشْتُهِرَ وَظَهَرَ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ وَلَمْ يَظْهَرْ فَفِي وُجُوبِ قطعه وجهان:

أحدهما: لا قطع لما ذكرنا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْطَعُ اعْتِبَارًا بِظَاهِرِ الْحِرْزِ، وَهَكَذَا لَوْ عَادَ الَّذِي نَقَّبَ بَعْدَ هَرَبِهِ مِنَ الطَّلَبِ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَدَخَلَ الْحِرْزَ وَأَخْرَجَ السرقة، فإن كان بعد ظهور النقب وانتشاره لم يقطع، وإن كان قبل ظهوره وانتشاره فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أْحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيهِ: أَنَّهُ يُقْطَعُ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي غَيْرِهِ: أَنَّهُ لا يقطع.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وإن رَمَى بِهَا فَأَخْرَجَهَا مِنَ الْحِرْزِ قُطِعَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، لَا يَخْلُو حَالُهُ في إخراج السرقة بعد هتكه حِرْزِهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>