للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهِ عِنْدَ أَخْذِهِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ مَرْوَانَ أَنَّهُ عزر النباش فلم يقطعه فعنه ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَذْهَبٌ لَهُ وَقَدْ عارضه فعل من قوله أحج وَفِعْلُهُ أَوْكَدُ، وَهُوَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُقُوطُ الْقَطْعِ لِنُقْصَانِ قِيمَتِهِ عَنْ مِقْدَارِ الْقَطْعِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبَّاشُ لَمْ يُخْرِجِ الْكَفَنَ مِنَ الْقَبْرِ، وَالْقَطْعُ لَا يَجِبُ إِلَّا بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْقَبْرِ حِرْزٌ لَهُ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِسُقُوطِ الضَّمَانِ فِي أَطْرَافِهِ فَكَذَلِكَ فِي أَكْفَانِهِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: انْتِقَاضُهُ بِالْمُرْتَدِّ يَسْقُطُ ضَمَانُ أَطْرَافِهِ وَلَا يَسْقُطُ فِي مَالِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لما افترقت أطرافه وأكفانه في الضمان وضمن أَكْفَانَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ قَطْعَ أَطْرَافِهِ كَانَ الْقَطْعُ تَبَعًا لِضَمَانِهَا فِي الْوُجُوبِ كَمَا كَانَ الْقَوَدُ فِي الْأَعْضَاءِ تَبَعًا لِضَمَانِهَا فِي السُّقُوطِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: بِأَنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ بِحِرْزٍ لِغَيْرِ الْكَفَنِ فَلَمْ يَكُنْ حِرْزًا لِلْكَفَنِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَبْرُ فِي حِرْزٍ وَدُفِنَ فِيهِ مَعَ الْمَيِّتِ مَالٌ قُطِعَ فِي الْمَالِ عِنْدَهُمْ وَلَمْ يُقْطَعْ فِي الْكَفَنِ وَإِنْ كَانَ فِي هَذَا الْجَوَابِ ضَعْفٌ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ لِسُقُوطِ الْقَطْعِ فِي الْكَفَنِ ثَلَاثُ عِلَلٍ:

أحدها: أن القبر ليس بحرز.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْبِلَى.

وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لَا مَالِكَ لَهُ، فَإِنْ كَمَلَتْ سَقَطَ الْقَطْعُ بِجَمِيعِهَا، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ سَقَطَ الْقَطْعُ بِمَا وُجِدَ مِنْهَا.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ الْحِرْزَ مُعْتَبَرٌ بِالْعَادَةِ الَّتِي لَا يَقْتَرِنُ بِهَا تَفْرِيطٌ، وَالْعَادَةُ فِي الْأَكْفَانِ إِحْرَازُهَا فِي الْقُبُورِ وَلَا يُنْسَبُ فَاعِلُهَا إِلَى تفريط فصار إحرازاً، وَلَيْسَ إِذَا كَانَ حِرْزًا لَهَا صَارَ حِرْزًا لِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَازَ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمُحْرَزَاتِ.

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا الْجَوَابُ فِي اعْتِبَارِ الْعَادَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ سُقُوطِ الْقَطْعِ كَبَذْرِ الزَّرْعِ قد جرت العادة في إحراز بِبَذْرِهِ فِيهَا وَلَا يُنْسَبُ فَاعِلُهُ إِلَى تَفْرِيطٍ، ولو سَرَقَهُ سَارِقٌ لَمْ يُقْطَعْ، فَكَذَلِكَ الْكَفَنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>