للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم استقر حده من بعده فَلَمْ يَجُزِ الْعَفْوُ عَنْهُ.

(فَصْلٌ)

رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّه قَالَ: " تَجَافَوْا لِذَوِي الْهَيْئَاتِ عَنْ عَثَرَاتِهِمْ) .

وَرُوِيَ " أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ) .

وَفِي ذَوِي الهيئات ها هنا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُمُ الَّذِينَ إِذَا أَلَمُّوا بِالذَّنْبِ نَدِمُوا عليه، وتابوا منه.

وفي عثراتهم ها هنا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّهَا صَغَائِرُ الذُّنُوبِ الَّتِي لَا توجب الحدود.

والثاني: أنها أول معصية ذل فيها مطيع، فأما قول الله تعالى: {والذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ} [النجم: ٣٢] .

ففي كبائر الإثم ثلاث تأويلات:

أحدها: أنها الشرك بالله.

وَالثَّانِي: مَا لَا يُكَفَّرُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ.

وَالثَّالِثُ: مَا زَجَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِالْحَدِّ.

وَفِي الفواحش ها هنا تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا: الزِّنَا خَاصَّةً.

وَالثَّانِي: جَمِيعُ الْمَعَاصِي.

وَفِي اللَّمَمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ تَأْوِيلَاتٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَا هَمَّ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ.

والثاني: أنه ما يأت مِنْهُ وَلَمْ يُعَاوِدْهُ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا الصَّغَائِرُ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي لَا تُوجِبُ حَدًّا وَلَا وَعِيدًا.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا النَّظْرَةُ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ.

وَالْخَامِسُ: أنه النكاح.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِقَوْلِ اللَّهُ تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>