للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ أَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَدِيجَةَ بِمَا نَزَلَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: لَهُ يَا ابْنَ عَمِّ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِكَ هَذَا الَّذِي أَتَاكَ إِذَا جَاءَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قالت: فأخبرني به وإذا جاءك؛ فجاء لها جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهَا: يَا خَدِيجَةُ هَذَا جِبْرِيلُ قَدْ جَاءَنِي قَالَتْ: قُمْ فَاجْلِسْ عَلَى فَخْذِي الْيُسْرَى، فَجَلَسَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَتْ: تَحَوَّلْ إِلَى فَخْذِي الْيُمْنَى فَتَحَوَّلَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ قَالَ: نَعَمْ قَالَتْ: فَتَحَوَّلْ فِي حِجْرِي فَتَحَوَّلَ فِي حِجْرِهَا فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ، قَالَ: نَعَمْ فَتَحَسَّرَتْ وَأَلْقَتْ خِمَارَهَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي حِجْرِهَا فَقَالَتْ هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ لَا فَقَالَتْ: يَا ابْنَ عَمِّ اثْبُتْ، وَأَبْشِرْ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَلَكٌ، وَمَا هُوَ بِشَيْطَانٍ، وَآمَنَتْ بِهِ، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ

(فَصْلٌ)

: ثُمَّ رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ فَهَمَزَ لَهُ بِعَقِبِهِ فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ عَيْنٌ فَتَوَضَّأَ جِبْرِيلُ مِنْهَا لِيُرِيَهُ كَيْفَ الطُّهُورُ فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِثْلَ مَا تَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ جِبْرِيلُ فَصَلَّى، وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِصَلَاتِهِ، فَكَانَتْ هَذِهِ أَوَّلَ عِبَادَةٍ فُرِضَتْ عَلَيْهِ

ثُمَّ انْصَرَفَ جِبْرِيلُ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى خَدِيجَةَ فَتَوَضَّأَ لَهَا حَتَّى تَوَضَّأَتْ وَصَلَّى بِهَا كَمَا صَلَّى بِهِ جِبْرِيلُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ تَوَضَّأَ، وَصَلَّى بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاسْتَسَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْإِنْذَارِ مَنْ يَأْمَنُهُ

فَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الذُّكُورِ وَصَلَّى، وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ وَقِيلَ: ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَهَذَا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ أَوَّلِ النَّاسِ إِسْلَامًا فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:

(إِذَا تَذَكَّرْتَ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ ... فَاذْكُرْ أَخَاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلَا)

(خَيْرَ الْبَرِيَّةِ أَتْقَاهَا، وَأَعْدَلَهَا ... بعد النبي، وأوفاها بما حلا)

(الثاني اثنين المحمود مَشْهَدُهُ ... وَأَوَّلَ النَاسِ مِنْهُمْ صَدَّقَ الرُسُلَا)

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إنَّ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه يدعوا إِلَى الْإِسْلَامِ مَنْ وَثِقَ بِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ تاجرا ذا خلق معروف وَكَانَ أَنْسَبَ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ، وَأَعْلَمَهُمْ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ حَسَنَ التَّآلُفِ لَهُمْ، وَكَانُوا يُكْثِرُونَ غِشْيَانَهُ، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ عُثْمَانُ بن عفان

<<  <  ج: ص:  >  >>