للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ بأن أبدى أُمِّ مَكْتُومٍ، وَدَعَا أَبُو سُفْيَانَ بَنِي قُرَيْظَةَ إِلَى نَقْضِ عَهْدِهِمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَجَابُوهُ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ قَالَ: " حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ "؛ لِأَنَّهُ خَافَهُمُ عَلَى الذَّرَارِيِّ، وَكَانُوا مِنْ وَرَائِهِمْ، وَنَزَلَ فِيهِ قَوْلُ الله تعالى: {إذ جاؤوكم مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبصار وبلغت القلوب الحناجر} [الآية - الأحزاب: ١٠]

وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَتَنَاوَبُونَ الْقِتَالَ، فَيُقَاتِلُ أَبُو سُفْيَانَ فِي أَصْحَابِهِ يَوْمًا، وَيُقَاتِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَوْمًا، وَيُقَاتِلُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَوْمًا وَيُقَاتِلُ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ يَوْمًا وَيُقَاتِلُ هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ يَوْمًا وَالْخَنْدَقُ: حَاجِزٌ، وَالْمُسْلِمُونَ يَحْفَظُونَ أَقْطَارَهُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هَذِهِ مَكِيدَةٌ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَصْنَعُهَا فَأَنَّى لَهُمْ هَذَا فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّ مَعَهُمْ رَجُلًا فَارِسِيًّا أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ، وَقَصَدُوا أَضْيَقَ مَوْضِعٍ فِي الْخَنْدَقِ أَغْفَلَهُ الْمُسْلِمُونَ فَعَبَرَ مِنْهُ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَنَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ، وعمرو بن عبدود، وطلب عمرو بن البزار وَكَانَ ابْنَ تِسْعِينَ سَنَةً فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَتَلَهُ، وَقَتَلَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ نَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَهُ اثْنَيْنِ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ، وَقَصَدَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْجِهَةَ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتَشَاغَلَ بِحَرْبِهِ حَتَّى أَخَّرَ صَلَاةَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، والمغرب، وعشاء الآخرة حتى انكفأوا رَاجِعِينَ مُتَوَاعِدِينَ لِلْغَدِ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ لِلظَّهْرِ، وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَهَا وَلَمْ يُؤَذِّنْ، وَقَالَ: " شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى مَلَأَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ، وَقُبُورَهُمْ نَارًا "

وَصَلَّاهَا جَمِيعُ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى تَرْتِيبِ قِتَالِهِمْ مِنَ الْغَدِ سَعَى بَيْنَهُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ فَخَذَّلَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى اخْتَلَفُوا وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَسْجِدِ الْأَحْزَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الْأَحْزَابَ وَزَلْزِلْهُمْ " فَعَصَفَتِ بِهِمُ الرِّيحُ حَتَّى زَلْزَلَتْهُمْ، فَانْهَزَمُوا وَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَمَاهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ فِي أَكْحَلِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدْ بَذَلَ لِعُيَيْنَةَ الثُّلُثَ مِنْ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ؛ لِيَرْجِعَ عَنِ الْأَحْزَابِ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ غَطَفَانَ فَامْتَنَعَ، أَنْ يَأْخُذَ إِلَّا الشَّطْرَ، فَشَاوَرَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

<<  <  ج: ص:  >  >>