للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَرَمْتَهُمْ، قَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنَا إِلَّا مِنْ قَوْمِي قَالَ: فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا خَطَبَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: " يَا معشر الأنصار ما قالة بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَمَوْجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ؛ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ، وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ "

قَالُوا: لِلَّهِ ولرسوله المن والفضل، فقال: " ألا تجيئونني يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَمَا وَاللَّهِ، لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ وَعَائِلًا فَآسَيْنَاكَ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ وَجَدْتُمْ فِي أَنْفَسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَيَ إِسْلَامِكُمْ أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى رِحَالِكُمْ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَالْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ "

فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحَاهُمْ، وَقَالُوا رَضِينَا بِاللَّهِ قَسْمًا وَحَظًّا وَتَفَرَّقُوا

وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالجعرانية ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ إِلَى الْمَدِينَةِ خَرَجَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ، الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَيْلًا، فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَدَخَلَ مَكَّةَ فَطَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ رَأَسَهُ، وَرَجَعَ إِلَى الْجِعْرَانَةِ مِنْ لَيْلَتِهِ، ثُمَّ غَدَا يَوْمَ الْخَمِيسِ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَخَذَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَفِيهَا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ، وَخَيَّرَهَا مَعَ نِسَائِهِ فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ، فَاخْتَارَتِ الدُّنْيَا فَفَارَقَهَا

وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَلَدَتْ مَارِيَةُ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَغَارَ نِسَاؤُهُ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِنَّ حِينَ رُزِقَتْ مِنْهُ الْوَلَدَ، فَبَشَّرَهُ أَبُو رَافِعٍ بِهِ فَوَهَبَ لَهُ مَمْلُوكًا

وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْحَجِّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ السَّنَةُ عَامَ الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ أَعْظَمَ مَا كَانَ فِيهَا فَتْحُ مَكَّةَ فَكَانَ فيها غزوتان وثلاث عشرة سرية

[فصل: [ذكر حوادث سنة تسع]]

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَبَعَثَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُصَدِّقِينَ إِلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ؛ لِأَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَرَدِّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ فِي هِلَالِ الْمُحَرَّمِ، فَبَعَثَ سَرِيَّةَ ابْنِ الْحُصَيْبِ الْأَسْلَمِيِّ إِلَى أَسْلَمَ وغفار

<<  <  ج: ص:  >  >>