للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصنف منهم البكاؤون: وَهُمْ سَبْعَةٌ: سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ، وَالْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَمْرُو بْنُ حَمَامٍ آتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْتَحْمِلُونَهُ فَقَالَ: {لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: ٩٢] فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ

وَصِنْفٌ مِنْهُمْ مُتَخَلِّفُونَ بِغَيْرِ شَكٍّ وَلَا ارتياب وهم ثلاثة: كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ تَخَلَّفُوا بِالْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ قَدِمَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْهَا وَاقْتَرَنَ بِهِمُ اثْنَانِ تَأَخَّرَا فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ لَحِقَا بِهِ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ السَّالِمِيُّ فَأَمَّا أَبُو خَيْثَمَةَ فَإِنَّهُ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ، قَدْ صَنَعَتَا لَهُ طَعَامًا وَرَشَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا، فَذَكَرَ مَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الْحَرِّ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْكَنِّ فَحَلَفَ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَلْحَقَ بِهِ فَأَدْرَكَهُ، وَقَدْ سَارَ إِلَى تَبُوكَ، وَهُوَ نَازِلٌ بِهَا فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَاكِبٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَقَالَ: " كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ " فَقَالُوا: هو والله أبو خيثمة فَلَمَّا أَنَاخَ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ فَدَعَا لَهُ وَقَالَ فِيهِ خَيْرًا

وَأَمَّا أَبُو ذَرٍّ: فَإِنَّ بَعِيرَهُ بَعْدَ السَّيْرِ أَبْطَأَ بِهِ، فَتَأَخَّرَ عَنِ النَّاسِ، فَذُكِرَ تَأْخِيرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ " فَلَمَّا لَمْ يَنْهَضْ بِهِ الْبَعِيرُ حَمَلَ متاعه على ظهره وسار تبع الْآثَارِ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ النَّاسِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَمْشِي وَحْدَهُ، فَقَالَ: كُنْ أَبَا ذَرٍّ، فَقَالُوا: هُوَ وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ: " يَرْحُمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ يَمْشِي وَحْدَهُ وَيَمُوتُ وَحْدَهُ وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ "

فَلَمَّا نَزَلَ أَبُو ذَرٍّ الرَّبَذَةَ وَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا امْرَأَتُهُ وَغُلَامُهُ وَصَّاهُمَا أَنْ يُغَسِّلَاهُ وَيُكَفِّنَاهُ، وَيَضَعَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَأَوَّلُ رَكْبٍ يَمُرُّ، قُولَا لَهُ، هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ، فَفَعَلَا ذَلِكَ وَوَضَعَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عُمَّارًا فَقَامَ إِلَيْهِمُ الْغُلَامُ فَقَالَ: هَذَا أَبُو ذَرٍّ فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ، فَاسْتَهَلَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بَاكِيًا وَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تَمْشِي وَحْدَكَ، وَتَمُوتُ وَحْدَكَ، وَتُبْعَثُ وَحْدَكَ " فَكَانَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِ أَبِي خَيْثَمَةَ من معجزاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

وَلَمَّا أَزْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَسِيرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ بِثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ اسْتَخْلَفَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَاسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ على الصلاة بالناس في معسكره، وصار فِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَفِيهِمْ عَشَرَةُ آلَافِ فَرَسٍ ورجع عبد

<<  <  ج: ص:  >  >>