للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعَا فَاطِمَةَ فِي مَرَضِهِ هَذَا فَنَاجَاهَا فَبَكَتْ، ثُمَّ نَاجَاهَا فَضَحِكَتْ فَلَمَّا مَاتَ سَأَلَتْهَا عَنْ بُكَائِهَا وَضَحِكِهَا فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي مَرَضِهِ هَذَا فَبَكَيْتُ ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ وَأَنَّنِي سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَرْيَمَ ابْنَةِ عِمْرَانَ فَضَحِكْتُ

وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اجتماع الأنصار في مسجده رجالهم ونساءهم وَصِبْيَانُهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ فَأَمَرَ أَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ سَبْعَ قِرَبٍ مِنْ سَبْعِ آبَارٍ فَاغْتَسَلَ وَوَجَدَ رَاحَةً فَخَرَجَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ إِنَّكُمْ أَصْبَحْتُمْ تَزِيدُونَ وَأَصْبَحَتِ الْأَنْصَارُ لَا تَزِيدُ عَلَى هَيْأَتِهَا الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ وَهُمْ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا وَكَرِشِي الَّتِي آكُلُ فِيهَا فَاحْفَظُونِي فِيهِمْ، أَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى مُحْسِنِهِمْ لِكُلِّ نَبِيٍّ تَرِكَةٌ وَإِنَّ الْأَنْصَارَ تَرِكَتِي، وَقَالَ لِلْأَنْصَارِ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَمَا تَأَمُرُنَا؟ قَالَ: آمُرُكُمْ أَنْ تصيروا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ حَتَّى قُبِضَ

وَلَمَّا ضَعُفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْخُرُوجِ لِلصَّلَاةِ بِأَصْحَابِهِ قَالَ؛ " أَصَلَّى النَاسُ؟ فَقَيِلَ لَا. هُمْ يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَكَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ إِذَا وَقَفَ مَوْقِفَكَ بَكَى، وَلَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقَالَ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَاسِ، فَحَضَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَكَانَتْ صَلَاةَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَتَأَخَّرَ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ، فَتَقَدَّمَ عُمَرُ، فَصَلَّى فَسَمِعَ تَكْبِيرَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: عُمَرُ، قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ، فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ في يوم االاثنين وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُكُونًا مِنْ وَجَعِهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جعلني قُرَّةَ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ، فَكَشَفَ السِّتْرَ

وَخَرَجَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَتَوَكَّأُ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَثَوْبَانَ مَوْلَاهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّاسُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَهُمْ قِيَامٌ فِي الثَّانِيَةِ مِنَ الصُّبْحِ، فَوَقَفَ عَلَى يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَعَادَهُ إِلَى مَوْقِفِهِ وَجَلَسَ، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ حَتَّى تَمَّتْ صَلَاةُ أَبِي بَكْرٍ، وَأَتَمَّ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَقَالَ بَعْدَ فَرَاغِهِ: " لَمْ يُقْبَضْ نبي قط حتى يأمه رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ، وَمَاتَ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَكَانَ عَدَدُ مَا صَلَى أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ سَبْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً

وَقِيلَ لِعَائِشَةَ: لِمَ رَاجَعْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَعْدِلَ بِالصَّلَاةِ عَنْ أَبِيكِ إِلَى عُمَرَ؟ قَالَتْ: لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي قَلْبِي أَنْ يُحِبَّ النَاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>