للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التوبة: ٤١] وَفِي الْجِهَادِ بِالْمَالِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ بِزَادٍ وَرَاحِلَةٍ.

وَالثَّانِي: بِبَذْلِ الْمَالِ لِمَنْ يُجَاهِدُ إِنْ عَجَزَ عَنِ الْجِهَادِ بِنَفْسِهِ.

وَفِي الْجِهَادِ بِالنَّفْسِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْخُرُوجُ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ.

وَالثَّانِي: الْقِتَالُ إِذَا حَضَرَ الْوَقْعَةَ: {ذَلِكُمْ خير لكم} فيه تأويلان:

أحدهما: أن الجهاد خيرا مِنْ تَرْكِهِ.

وَالثَّانِي: إنَّ الْخَيْرَ فِي الْجِهَادِ لا في تركه.

{إن كنتم تعلمون} فِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقَ اللَّهِ فِي وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ.

وَالثَّانِي: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ لَكُمُ الْخَيْرَ، فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى تَعْيِينِ الْفَرْضِ، ثُمَّ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: ١١٨] . يَعْنِي: تَابَ اللَّهُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا وَهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. وَفِي قَوْلِهِ: {خُلِّفُوا} تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: خُلِّفُوا عَنِ السَّرِيَّةِ.

وَالثَّانِي: خُلِّفُوا عَنِ الْخُرُوجِ: {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} [التوبة: ١١٨] . لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والمسلمين هجروهم {وضاقت عليهم أنفسهم} يَعْنِي: مِمَّا لَقُوهُ مِنْ جَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ: {وظنوا ألا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ} [التوبة: ١١٨] أَيْ: تيقنوا أنهم لا يجدون ملجأ يلجأون إِلَيْهِ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِمْ وَالصَّفْحِ عَنْهُمْ إِلَّا إِلَى اللَّهِ: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: ١١٨] . أَيْ: قَبِلَ تَوْبَتَهُمْ لِيَسْتَقِيمُوا، قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: وَذَلِكَ بَعْدَ خَمْسِينَ لَيْلَةً مِنْ مَقْدَمِ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ تَبُوكَ، فَلَوْ كَانَ فَرْضُ الْجِهَادِ عَلَى الْكِفَايَةِ دُونَ الْأَعْيَانِ لَمْ يَخْرُجْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ وَقَدْ خَرَجَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، لَا يُؤَثِّرُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ فِيهِمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ لَمْ يَزَلْ عَلَى الْكِفَايَةِ دُونَ الْأَعْيَانِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: ١٢٢] . وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَمَا كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُجَاهِدُوا جَمِيعًا لِأَنَّ فَرْضَهُ عَلَى الْكِفَايَةِ.

وَالثَّانِي: مَا كَانَ لَهُمْ إِذَا جَاهَدُوا قَوْمًا أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُمْ، حَتَّى يتخلفوا لحفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>