للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صُورَتُهَا: فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ وَصَلَّى الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ ثُمَّ جَلَسَ فِيهَا مُتَشَهِّدًا وَذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَجْدَةً نَاسِيًا فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ عَمَلَهُ فِي الثانية مُلْغًى كَلَا عَمَلٍ إِلَّا سَجْدَةً يَجْبُرُ بِهَا الْأُولَى، ثُمَّ يَقُومُ فَيَأْتِي بِبَاقِي صَلَاتِهِ وَيسَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ سَلَامِهِ

وَقَالَ مَالِكٌ: يُلْغِي مَا فعله في الأولى ويكون عمله فيها كل عَمَلٍ لِتَكُونَ الثَّانِيَةُ لَهُ أُولَى، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ قِيَامَهُ إِلَى الثَّانِيَةِ قَبْلَ كَمَالِ الْأُولَى يبطل ما فعله فيها من قيامه وَرُكُوعٍ وَلَا يُحْتَسَبُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ سُجُودِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَوَجَبَ إِذَا سَجَدَ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يَكُونَ سُجُودُهُ فِيهَا مَصْرُوفًا إِلَى الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِبُطْلَانِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأُولَى مَجْبُورَةٌ بِسَجْدَةٍ مِنَ الثَّانِيَةِ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا مَجْبُورَةٌ بِالسَّجْدَةِ الْأُولَى مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ السَّجْدَةَ فِي قِيَامِهِ انْحَطَّ مِنْ فَوْرِهِ سَاجِدًا مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا مَجْبُورَةٌ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ السَّجْدَةَ فِي قِيَامِهِ انْحَطَّ مِنْ فَوْرِهِ سَاجِدًا مِنْهَا فِي قِيَامِهِ وَعَادَ جَالِسًا ثُمَّ سَجَدَ والوجه فِي قِيَامِهِ انْحَطَّ مِنْ فَوْرِهِ سَاجِدًا مِنْهَا فِي قِيَامِهِ وَعَادَ جَالِسًا ثُمَّ سَجَدَ. وَالْوَجْهُ الثالث: أنه كَانَ قَدْ جَلَسَ قَبْلَ قِيَامِهِ إِلَى الثَّانِيَةِ فَهِيَ مَجْبُورَةٌ بِالسَّجْدَةِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَجْلِسْ فَهِيَ مَجْبُورَةٌ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا عَلَى المذهب الثالث

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ ذَكَرَ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ كُلِّ ركعةٍ فَإِنَّ الْأُولَى صَحِيحَةٌ إِلَّا سَجْدَةً وَعَمَلُهُ فِي الثَّانِيَةِ كَلَا عملٍ، فَلَمَّا سَجَدَ فِيهَا سَجْدَةٍ كَانَتْ مِنْ حُكْمِ الْأُولَى وَتَمَّتِ الْأُولَى وَبَطَلَتِ الثَّانِيَةُ وَكَانَتِ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً فلما قدم فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الثَّانِيَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ ثَالِثَةً كَانَ عَمَلُهُ كَلَا عَمَلٍ فلما سجد فيها سجدة كانت من حكم الثَّانِيَةِ فَتَمَّتِ الثَّانِيَةُ وَبَطَلَتِ الثَّالِثَةُ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ رَابِعَةً، ثُمَّ يَقُومُ فَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ السَّلَامِ، وَعَلَى هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ وَقِيَاسِهِ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي رَجُلٍ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَجَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةً فَالَّذِي يَحْصُلُ لَهُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَكْعَتَانِ رَكْعَةٌ مِنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَرَكْعَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَاعْتِبَارُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى صَحِيحَةٌ إلا سجدة، وعلمه فِي الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ إِلَّا سَجْدَةً تُضَمُّ إِلَى الْأُولَى فَيَتِمُّ لَهُ رَكْعَةٌ، وَعَمَلُهُ فِي الثَّالِثَةِ صَحِيحٌ إِلَّا سَجْدَةً وَهِيَ فِي التَّقْدِيرِ ثَانِيَةٌ وَعَمَلُهُ فِي الرَّابِعَةِ بَاطِلٌ إِلَّا سَجْدَةً تُضَمُّ إِلَى الثَّالِثَةِ الَّتِي هِيَ الثَّانِيَةُ فَيَتِمُّ لَهَا الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ فَيَصِيرُ لَهُ رَكْعَتَانِ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ قَامَ مَقَامَ تَشَهُّدِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ تَشَهَّدَ فِي الثَّانِيَةِ وَقَامَ فيأتي الركعتين تَمَامَ صَلَاتِهِ وَتَشَهَّدَ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>