للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا بَاطِلَةٌ إِذَا قِيلَ: إِنْ مَصْرِفَهُ فِي الْجَيْشِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَرْزَاقِهِمْ، فَإِذَا اسْتَوْفَوْهَا لَمْ يَسْتَحِقُّوا غَيْرَهَا وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ غَيْرُهُمْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا جَائِزَةٌ إِذَا قِيلَ: إِنَّ مَصْرِفَهُ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَدَخَلَ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ عَدَا مُرْتَزِقَةَ أَهْلِ الْفَيْءِ، سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ أَوْ لَا؟ . فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَيْسَ أَهْلُ الصَّدَقَةِ مَمْنُوعِينَ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ.

قِيلَ: إِنَّمَا مُنِعُوا مِنْ أَخْذِهِ بالفقر والمسكنة الذي يَسْتَحِقُّونَ بِهِمَا الصَّدَقَةَ، وَلَمْ يُمْنَعُوا مِنْ أَخْذِهِ عَلَى عَمَلٍ كَمَا يَجُوزُ دَفْعُهُ إِلَيْهِمْ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْحُصُونِ؛ وَلِذَلِكَ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْجَعَالَةِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ فَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي دُخُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهَا دُونَ الْمُعَاهَدِينَ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ حُكْمُ الدَّاخِلِينَ فِي هَذِهِ الْجَعَالَةِ فَغَزَا بِهَا مَنْ أَخْرَجَهُ حُكْمُ الشَّرْعِ مِنْهَا لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ أَوْ جَاهِلًا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا ولَا شَيْءَ لَهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَإِنَّ جَهِلَ حُكْمَ الشَّرْعِ فِيهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَحِقَّ جَعَالَةَ مِثْلِهِ، وَلَا يَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي جَعَالَةٍ فَاسِدَةٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي إِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْجَعَالَةِ فَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ حُكْمُ فَسَادِهَا وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ حُكْمَ الشَّرْعِ فِيهَا فَكَانَ مُفْرِطًا وَبِغَزْوِهِ مُتَبَرِّعًا.

(فَصْلٌ)

: وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَغْزُوَ مَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِغَيْرِ إِجَارَةٍ وَلَا جَعَالَةٍ، فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُكْرِهَهُمُ الْإِمَامُ فَيَخْرُجُوا مَعَهُمْ مُكْرَهِينَ، فَيَسْتَحِقُّوا عَلَيْهِ بِالْإِكْرَاهِ أُجُورَ أَمْثَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ سَهْمٍ وَلَا رَضْخٍ لِاسْتِهْلَاكِ عَمَلِهِمْ عَلَيْهِمْ، كَمَا لَوِ اسْتَكْرَهَهُمْ فِي حُمُولَةٍ أَوْ بِنَاءٍ وَسَوَاءٌ كَانُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ أَوْ مُعَاهَدِينَ، وَلَيْسَ يُرَاعَى فِي هَذَا الْإِكْرَاهِ الضَّرْبُ وَالْحَبْسُ الْمُرَاعَى فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى أَنْ لَا يُفْسِحَ لَهُمْ فِي التَّأَخُّرِ وَيُجْبِرَهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُمْ بِالذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ فِي قَبْضَتِهِ وَتَحْتَ حِجْرِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ مَعَ الْقَوْلِ إِلَى غَيْرِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فَيَخْرُجُوا مَعَهُ مُخْتَارِينَ فَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ وَيَسْتَحِقُّوا بِالْحُضُورِ رَضْخًا، وَلَا يَسْتَحِقُّوا بِهِ سَهْمًا؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكَ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَيَسْتَحِقُّهُ بِالْحُضُورِ مَنْ قَاتَلَ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ، لَكِنْ يُفَضَّلُ رَضْخُ مَنْ قَاتَلَ عَلَى مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ، كَالْمُسْلِمِ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ رَاجِلًا لَمْ يَبْلُغْ بِرَضْخِهِ سَهْمَ فَارِسٍ وَلَا رَاجِلٍ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فَارِسًا لَمْ يَبْلُغْ بِرَضْخِهِ سَهْمَ فَارِسٍ وَفِي جَوَازِ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ وَجْهَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>