للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ وَإِلَى حَافِظِيهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَمَا زَادَ بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: (وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) فَهُوَ زِيَادَةُ فَضْلٍ.

فَأَمَّا رَدُّهُ فَأَقَلُّهُ أَنْ يُقَابَلَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: (لَا تُغَارُّ التَّحِيَّةُ) وَالْغِرَارُ: النُّقْصَانُ. أَيْ: لَا تُنْقِصْ مِنَ السَّلَامِ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْكَ، وَالسُّنَّةُ أَنْ تُزَادَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ، رَوَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ جَاءَ آخر فقال: عليكم السلام وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَلَيْكُمْ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: زِدْتَ الأول والثاني، وقلت للثالثة: وَعَلَيْكُمْ فَقَالَ: إِنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ أَبْقَيَا مِنَ التَّحِيَّةِ شَيْئًا، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِمَا أَحْسَنَ مِنْ تَحِيَّتِهِمَا، وَإِنَّ الثَّالِثَ جَاءَ بِالتَّحِيَّةِ كُلِّهَا فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ مِثْلَهَا وَإِنْ كَانَ السَّلَامُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فضربان: أحدهما: أن يكون الكافر مبتدءاً بِالسَّلَامِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ رَدُّ سَلَامِهِ، وَفِي صِفَةِ رَدِّهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ فَيَقُولُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ وبرحمة اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَقْتَصِرَ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْكَ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَوَى سوءا بسلامه وإن كان المسلم مبتدءا بِالسَّلَامِ، فَفِي جَوَازِ ابْتِدَائِهِ بِالسَّلَامِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالسَّلَامِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ السَّلَامُ أَدَبًا وَسُنَّةً كَانَ الْمُسْلِمُ بِفِعْلِهِ أَحَقَّ، فَعَلَى هَذَا يَقُولُ لَهُ الْمُسْلِمُ: (السَّلَامُ عَلَيْكَ) عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَذْكُرُهُ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ كَالْمُسْلِمِ لِيَقَعَ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ السَّلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَبْدَأُ بالسلام حتى يبتدئ بِهِ، فَيُجَابُ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ:

لَا تَبْتَدِئُوا الْيَهُودَ بالسَّلَامِ، فَإِنْ بدؤوكم فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ

فَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَنِ الْجِهَادِ فَهُوَ مِنَ الْسُنَنِ وَالْآدَابِ، فَلَمْ أَسْتَجِزْ ذِكْرَهُ، مَعَ ذِكْرِ الشَّافِعِيِّ لَهُ إنْ أُخِلَّ بِاسْتِيفَائِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا دفن الموتى فحكمه وحكم نسلهم والصلاة عليهم واحد، فهو مفروض الْكِفَايَاتِ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِ، حَتَّى يَقُومَ بِهِ أَحَدُهُمْ، وَهَلْ يَكُونُ أَوْلِيَاؤُهُ فِيهِ أُسْوَةَ غَيْرِهِمْ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ أُسْوَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>