للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ سَلَبًا لِقُوَّتِهِ بِهِ.

وَالثَّانِي: لَا يَكُونُ سَلَبًا لِأَنَّهُ لَا يُقَاتِلُ بِهِ وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " ثم يرفع بَعْدَ السَّلَبِ خُمْسَهُ لِأَهْلِهِ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ السَّلَبَ مُقَدَّمٌ فِي الْمَغَانِمِ لِلْقَاتِلِ، وَفِيمَا يَسْتَحِقُّ إِخْرَاجَهُ مِنْهَا بَعْدَ السَّلَبِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ هَاهُنَا، أَنَّهُ يُخْرِجُ خُمْسَ الْمَغَانِمِ بَعْدَ السَّلَبِ مُقَدَّمًا عَلَى الرَّضْخِ يَصْرِفُهُ فِي أَهْلِ الْخُمْسِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {واعلموا أن ما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: ٤١] فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ إِلَّا مَا خَصَّهُ السُّنَّةُ مِنَ السَّلَبِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُقَدَّمُ إِعْطَاءُ الرَّضْخِ قَبْلَ إِخْرَاجِ الْخُمْسِ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَصَالِحِ اعْتِبَارًا بِالسَّلَبِ، وَيَسْتَوِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ قَلِيلُ الْغَنِيمَةِ وَكَثِيرُهَا سَوَاءٌ أُخِذَتْ قَهْرًا بِقُوَّةٍ أَوْ أُخِذَتْ خِلْسَةً بِضَعْفٍ فِي إِخْرَاجِ خُمْسِهَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ أَخَذُوهَا قَهْرًا وَهُمْ مُمْتَنِعُونَ بقوَةٍ خُمِّسَتْ وَإِنْ أَخَذُوهَا خِلْسَةً وَهُمْ فِي غَيْرِ مَنَعَةٍ لَمْ تُخَمَّسْ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، الْمَنَعَةُ عَشَرَةٌ فَأَكْثَرُ احْتِجَاجًا بِأَنَّ الْغَنِيمَةَ مِنْ أَحْكَامِ الظَّفَرِ الَّذِي يُعَزُّ بِهِ الْإِسْلَامُ، وَيُذَلُّ بِهِ الشِّرْكُ وَهَذَا فِي الْمَأْخُوذِ خِلْسَةً وَتَلَصُّصًا.

وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْلِ الله تعالى: {واعلموا أن ما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ وَلِأَنَّ الْغَنِيمَةَ مَا غُلِبَ الْمُشْرِكُ عَلَيْهِ وَأُخِذَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي هَذَا الْمَأْخُوذِ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ إِخْرَاجُ خُمْسِهِ إِذَا وَصَلَ بِالْعَدَدِ الْكَثِيرِ وَجَبَ إِخْرَاجُ خُمْسِهِ إِذَا وَصَلَ بِالْعَدَدِ الْقَلِيلِ كَالرِّكَازِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ خُمِّسَتْ غَنِيمَتُهُ إِذَا كَانَ فِي مَنَعَةٍ خُمِّسَتْ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَنَعَةٍ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ خُمِّسَتْ غَنِيمَتُهُ إِذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ خُمِّسَتْ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ كَمَا لَوْ كَانُوا فِي مَنَعَةٍ، وَلِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التِّسْعَةِ وَالْعَشَرَةَ فِي الْعِزِّ وَالذُّلِّ، فَلَمْ يَقَعِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْغَنِيمَةِ وَالتَّلَصُّصِ.

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ إخراج خمسه ملكا لغانمه.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهُمْ لِبَيْتِ الْمَالِ عُقُوبَةً لَهُمْ وَيُعَزَّرُوا عَلَيْهِ لِتَغْرِيرِهِم بِأَنْفُسِهِمْ، وَهَذَا خَطَأٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ التَّغْرِيرُ مَعَ الْعَدُوِّ مَحْظُورًا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ.

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَرَّضَ عَلَى الْجِهَادِ يَوْمَ بَدْرٍ وَنَفَلَ كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>