للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي الْتِحَامِ الْقِتَالِ مَعَ إِقْبَالِهِمْ عَلَى حَرْبِنَا فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ قِتَالِهِمْ وَلَا حَرَجَ فِيمَا أَفْضَى مِنْهُ إِلَى قَتْلِ أَطْفَالِهِمْ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَرْكَ قِتَالِهِمْ بِهَذَا مُفْضٍ إِلَى تَرْكِ جِهَادِهِمْ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ مُقْبِلُونَ عَلَى حَرْبِنَا فَحَرُمَ أَنْ نُوَلِّيَ عَنْهُمْ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتَتَرَّسُوا بِهِمْ فِي غَيْرِ الْتِحَامِ الْقِتَالِ عِنْدَ مُتَارِكَتِهِمْ لَنَا، وَقَدْ بَدَأْنَا بِقِتَالِهِمْ وَهُمْ فِي حِصَارِنَا، فَخَافُونَا فِيهِ ففعلوا ذلك، لتمتنع من رَمْيِهِمْ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ مَكْرًا مِنْهُمْ، فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ تَرْكَ حِصَارِهِمْ، وَلَا الِامْتِنَاعُ مِنْ رَمْيِهِمْ وَلَوْ أَفْضَى إِلَى قَتْلِ أَطْفَالِهِمْ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَفْعَلُوهُ دَفْعًا عَنْهُمْ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ حِصَارِهِمْ، وَفِي الْمَنْعِ مِنْ رَمْيِهِمْ وَضَرْبِهِمْ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ رَمْيِهِمْ كَالْمُقَاتِلِينَ تَغْلِيبًا لِفَرْضِ الْجِهَادِ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَمْنَعَ مِنْ رَمْيِهِمْ، وَيُؤَخَّرَ الْكَفُّ عَنْهُمْ بِخِلَافِ الْمُقَاتِلِينَ لِأَنَّ جِهَادَهُمْ نَدْبٌ وَجِهَادُ الْمُقَاتِلِينَ فَرْضٌ، وَإِذَا قَابَلَ النَّدْبَ حَظْرٌ كَانَ حُكْمُ الْحَظْرِ أَغْلَبَ.

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي: " وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ رَأَيْتُ أَنْ يَكُفَّ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مُلْتَحِمِينَ فَيُضْرَبُ الْمُشْرِكَ وَيَتَوَقَّى الْمُسْلِمَ جَهْدَهُ فَإِنْ أَصَابَ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُسْلِمًا قَالَ فِي كِتَابِ حُكْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ كَانَ عَلِمَهُ مُسْلِمًا فَالدِّيَّةُ مَعَ الرقبة (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ هَذَا عِنْدِي بمختلف ولكنه يقول إن كان قتله مع العلم بأنه محرم الدم مع الرقبة فإذا ارتفع العلم فالرقبة دون الدية "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَتَتَرَّسَ الْمُشْرِكُونَ بِمَنْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِمَّا لِيَدْفَعُونَا عَنْهُمْ، وَإِمَّا لِيَفْتَدُوا بِهِمْ نُفُوسَهُمْ، فَالْكَلَامُ فِيهَا يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي الْكَفِّ عَنْهُمْ.

وَالثَّانِي: فِي ضَمَانِ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ.

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْكَفِّ عَنْهُمْ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الْتِحَامِ الْحَرْبِ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُفَّ عَنْ رَمْيِهِمْ قَوْلًا وَاحِدًا، بِخِلَافٍ مَا لَوْ تَتَرَّسُوا بِأَطْفَالِهِمْ فِي جَوَازِ رَمْيِهِمْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، لَأَنَّ نَفْسَ الْمُسْلِمِ مَحْظُورَةٌ لِحُرْمَةِ دِينِهِ، وَنُفُوسَ أَطْفَالِهِمْ مَحْظُورَةٌ لِحُرْمَةِ الْمَغْنَمِ، وَلَوْ كَانَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>