للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ دَعَا إِلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ: فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَأَى الْإِحْجَامَ عَنْهُ قَالَ: يَا مُحَمَدُ أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ قَتْلَاكُمْ فِي الْجَنَّةِ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وَقَتْلَانَا فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ، فَمَا يُبَالِي أَحَدُكُمْ أَيَقْدُمُ عَلَى كَرَامَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوْ يُقْدِمُ عَدْوًا إِلَى النَّارِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

(ولقد دنوت من النداء ... ء بجمعكم هَلْ مِنْ مُبَارِزْ)

(وَوَقَفْتُ إِذْ جَبُنَ الشُّجَا ... عُ بَمَوقِفِ الْقَرْنِ الْمُنَاجِزْ)

(إِنِّي كَذَلِكَ لَمْ أَزَلْ ... مُتَشَوِّقًا نَحْوَ الْهَزَاهِزْ)

٥ - (إِنَّ الشَّجَاعَةَ فِي الْفَتَى ... وَالْجُودَ مِنْ خَيْرِ الْغَرَائِزْ)

فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُبَارَزَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ وَقَالَ: " اخْرُجْ يَا عَلِيُّ فِي حِفْظِ اللَّهِ وَعِيَاذِهِ " فَخَرَجَ وَهُوَ يقول:

(يا عمرو ويحك قد أتاك ... مجيب صوتك غَيْرَ عَاجِزْ)

(ذُو نِيَّةٍ وَبَصِيرَةٍ ... وَالصَّدْقُ مُنْجِي كل فائز)

(إني لأرجو أن أقيم ... عليك نائحة الجنائز)

(من ضربة نجلاء يَبْقَى ... صِيتُهَا عِنْدَ الْهَزَاهِزْ)

فَتَجَاوَلَا، وَثَارَتْ عَجَاجَةٌ أَخْفَتْهُمَا عَنِ الْأَبْصَارِ، ثُمَّ أَجْلَتْ عَنْهُمَا، وَعَلِيٌّ يَمْسَحُ سَيْفَهُ بِثَوْبِ عَمْرٍو وَهُوَ قَتِيلٌ، حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.

ثُمَّ دَعَا إِلَى الْمُبَارَزَةِ بِخَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ، فَخَرَجَ مُرْتَجِزًا يقول:

(قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بطل مجرب)

(أطعن أحيانا وحينا أضرب ... إذا الحروب أقبلت تلهب)

(إذا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَحَرَّبُ ... كَأَنَ حِمَايَ لِلْحِمَى لَا يُقْرَبُ)

فَبَرَزَ إِلَيْهِ مَنْ قَتَلَهُ، وَاخْتُلِفَ فِي قَاتِلِهِ، فَحَكَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ إلي بَرَزَ إِلَيْهِ فَقَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَحَكَى بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ أَنَّ الَّذِي بَرَزَ إِلَيْهِ فَقَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أبي طالب، خرج إليه مرتجزا يقول:

(أَنَّا الَذي سَمَتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... لَيْثُ غَابَاتٍ شديد القصورة)

(أَكِيلُكُمْ بِالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَة ... ) .

وَدَعَا يَاسِرٌ إِلَى الْمُبَارَزَةِ بِخَيْبَرَ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَقَالَتْ أُمُّهُ صَفِيَّةُ: يُقْتَلُ ابْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَلِ ابْنُكِ يَقْتُلُهُ " فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ، فَهَذِهِ مَوَاقِفُ قَدْ أَجَابَ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>