للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى تَعْلِيمِ الْفَاتِحَةِ كَانَ فِي حُكْمِ الْقَادِرِ عَلَيْهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ إِذَا تَعَلَّمَ الْفَاتِحَةَ سَوَاءٌ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَصُرَ وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُعِيدُ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مِنْ وَقْتِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّعْلِيمِ إِلَى أَنْ تَعَلَّمَ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُعِيدَ مَا صَلَّى مِنْ وَقْتِ قُدْرَتِهِ إِلَى أَنْ تَعَاطَى التَّعْلِيمَ وَأَخَذَ فِيهِ، لِأَنَّ أَخْذَهُ فِي التَّعْلِيمِ قَدْ أَزَالَ عَنْهُ حُكْمَ التَّفْرِيطِ فَسَقَطَ عَنْهُ إِعَادَةُ مَا صَلَّى فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(مَسْأَلَةٌ)

: قال: " فَإِنْ تَرَكَ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ حَرْفًا وَهُوَ فِي الرَّكْعَةِ رَجَعَ إِلَيْهِ وَأَتَمَّهَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الصَّلَاةِ وَتَطَاوَلَ ذَلِكَ أعاد "

قال الماوردي: وقد مضيت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَاسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ وَاسْتَوْفَيْنَا فُرُوعَهَا، فَنَقُولُ: إِذَا تَرَكَ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ نَاسِيًا ثُمَّ ذَكَرَهَا قَرِيبًا أَعَادَ، وَأَتَى بِهَا وَبِمَا بَعْدَهَا لِمَا عَلَيْهِ مِنْ مُوَالَاةِ الْقِرَاءَةِ، فَلَوْ شَكَّ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَرَكَهَا اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ مِنْ أَوَّلِهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ أَوَّلَ آيَةٍ مِنْهَا، فَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْآيَةِ الَّتِي تَرَكَهَا وَمَا بَعْدَهَا ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، فَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنَ الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ قَرِيبًا أَتَى بِمَا تَرَكَ وَصَلَّى رَكْعَةً كَامِلَةً وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ بَعِيدًا كَانَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا إذا نوى قَطْعَ الْقِرَاءَةِ فَعَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ فِي غَيْرِهَا لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا، وَلَكِنْ لَوْ نَوَى قطعاً وهو يقرأها أَجَزْأَهُ، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ فَلَمْ يَكُنْ تَغْيِيرُ النِّيَّةِ مُؤَثِّرًا فِيهَا، فَأَمَّا إذا سكت عنها غير ناوٍ قطع الْقِرَاءَةَ فَإِنْ طَالَ سُكُوتُهُ اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ بَنَى عَلَى قِرَاءَتِهِ

فَأَمَّا تَشْدِيدُ آيات الفاتحة فهي أَرْبَعَ عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً فَإِنْ تَرْكَ التَّشْدِيدَ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ الْحُرُوفَ الْمُشَدَّدَةَ تَقُومُ مَقَامَ حَرْفَيْنِ فَإِذَا تَرَكَ التَّشْدِيدَ صَارَ كَأَنَّهُ قَدْ تَرَكَ حَرْفًا، فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ غَيْرُ هَذَا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَكِنْ لَوْ شَدَّدَ الْمُخَفَّفَ جَازَ وَإِنْ أَسَاءَ - وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ -

<<  <  ج: ص:  >  >>