للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرْعٌ)

: وَلَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ لِحَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَخَرَجَ إِلَيْنَا عُتِقَ، وَلَوْ أَقَامَ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ عَلَى رِقِّهِ، فَإِنْ سُبِيَ الْعَبْدُ مَلَكَهُ الْغَانِمُونَ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَهُوَ عَبْدٌ لِحَرْبِيٍّ

وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُعْتَقَ إِذَا خَرَجَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا يُعْتَقَ إِنْ أَقَامَ فَيَ دَارِ الْحَرْبِ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ، فَقَدْ قَهَرَ سَيِّدَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَعُتِقَ، وَإِذَا أَقَامَ لَمْ يَقْهَرْهُ عَلَيْهَا فَرُقَّ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ أَسْلَمَ، وَغَلَبَ عَلَى سَيِّدِهِ الْحَرْبِيِّ وَأَوْلَادِهِ، وَأَزْوَاجِهِ، وَدَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ عُتِقَ، وَصَارُوا لَهُ رَقِيقًا. فَرْعٌ: وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ، وَاشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا، وَدَخَلَ بِهِ دَارَ الْحَرْبِ، فَسُبِيَ الْعَبْدُ، فَهَلْ يَمْلِكُهُ غَانِمُوهُ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ فِي صِحَّةِ ابْتِيَاعِ الْكَافِرِ لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ قِيلَ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ مَلَكَهُ الْغَانِمُونَ، وَإِنْ قِيلَ بِفَسَادِهِ لَمْ يَمْلِكُوهُ وَكَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ الْمُسْلِمِ فَرْعٌ: وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَكْمِلَ مَقَامَ حَوْلٍ إِلَّا بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ وَإِنْ شَرَطَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ دُخُولِهِ أَنَّهُ إِنْ أَقَامَ حَوْلًا أُخِذَتْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، فَأَقَامَ حَوْلًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِنْ أَقَامَ حَوْلًا جَعَلَ نَفْسَهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَاسْتَكْمَلَ حَوْلًا لَمْ يَصِرْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِلَّا بِاخْتِيَارِهِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْأُولَى لِلْإِمَامِ فَالْتَزَمَهُ الْحَرْبِيُّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لِلذِّمِّيِّ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا بِاخْتِيَارِهِ.

وَسَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَهُمَا فِي اللُّزُومِ، وَالْفَرْقُ يَمْنَعُ مِنَ اسْتِوَائِهِمَا. فَرْعٌ: وَإِذَا غَزَا صِبْيَانٌ لَا بَالِغَ فِيهِمْ أَوْ نِسَاءٌ لَا رَجُلَ بَيْنَهُنَّ أَوْ عَبِيدٌ لَا حُرَّ مَعَهُمْ، وَغَنِمُوا أَخَذَ الْإِمَامُ خُمْسَ غَنِيمَتِهِمْ، وَفِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا وَجْهَانِ أَشَارَ إِلَيْهِمَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَسِّمَ جَمِيعَهُ بَيْنَهُمْ بِاسْمِ الرَّضْخِ وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِ السِّهَامِ، وَلِيُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ فِيهِ كَأَهْلِ السِّهَامِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَحْبِسُ بَعْضَهُ عَنْهُمْ بِحَسْبِ مَا يُؤَدِّيهِ اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ، لِئَلَّا يُسَاوُوا فِيهِ أَهْلَ السِّهَامِ، وَيُقَسِّمُ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ بِحَسْبَ مَا يَرَاهُ مِنْ مُسَاوَاةٍ وَتَفْضِيلٍ.

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا حَاصَرَ الْإِمَامُ بَلَدًا أَوْ قَلْعَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ صَالَحَهُمْ عَلَى تَحْكِيمِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لِيُحَكِّمَ فِيهِمْ بِمَا يُؤَدِّيهِ اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِ الْحُكَّامِ، وَهِيَ الْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ، وَالذُّكُورِيَّةُ، وَالْعِلْمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>