للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى مَضَى لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إِذَا جُعِلَ تَبَعًا لِلدِّينَارِ، وَجَازَ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي إِذَا جُعِلَ مَقْصُودًا كَالدِّينَارِ.

وَلَوْ تَكَاثَرَ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَى ضَيْفٍ تَنَازَعُوهُ كَانَ الْخِيَارُ إِلَى الضَّيْفِ دُونَ الْمُضِيفِ فِي نُزُولِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ، وَلَوْ تَكَاثَرَ الْأَضْيَافُ عَلَى الْمُضِيفِ كَانَ الْخِيَارُ إِلَى الْمُضِيفِ دُونَ الأضياف إلى أن يقصد عَدَدُ أَهْلِ النَّاحِيَةِ عَنْ إِضَافَةِ جَمِيعِهِمْ، فَيُقْرَعَ بَيْنَهُمْ، وَيُضِيفُ كُلُّ وَاحِدِ مِنْهُمْ مَنْ قَرَعَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِلْأَضْيَافِ عَرِّيفٌ يَكُونُ هُوَ الْمُرَتِّبَ لَهُمْ، لِيَنْقَطِعَ التَّنَازُعُ بَيْنَهُمْ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ الضِّيَافَةِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهَا ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: عَدَدُ الْأَضْيَافِ.

وَالثَّانِي: أَيَّامُ الضِّيَافَةِ.

وَالثَّالِثُ: قَدْرُ الضِّيَافَةِ.

فَأَمَّا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: فِي عَدَدِ الْأَضْيَافِ، فَهُوَ أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى الْمُوسِرِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِنْ خَمْسَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى خَمْسَةٍ بِحَسَبِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ التَّرَاضِي، لِيُضِيفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقَدْرَ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ فِي يَسَارِهِ وَتَوَسُّطِهِ، فَإِنْ سَوَّى بَيْنِ الْمُوسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ فِي عَدَدِ الْأَضْيَافِ جَازَ مَعَ الْمُرَاضَاةِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي دِينَارِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ شَرَطَ عَلَى جَمِيعِ النَّاحِيَةِ عَدَدًا مِنَ الْأَضْيَافِ كَأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى النَّاحِيَةِ ضِيَافَةَ أَلْفِ رَجُلٍ جَازَ، وَاجْتَمَعُوا عَلَى تَقْسِيطِ الْأَلْفِ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا يُنْفِقُونَ عَلَيْهِ مِنْ تُفَاضِلٍ أَوْ تَسَاوٍ، فَإِنِ اخْتَلَفُوا، وَتَنَازَعُوا إِلَيْنَا قُسِّطَتْ بَيْنَهُمْ عَلَى التَّسَاوِي دُونَ التَّفَاضُلِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ جِزْيَةُ رؤوس تَفَاضَلُوا فِيهَا، فَفِي اعْتِبَارِ الضِّيَافَةِ بِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَتَفَاضَلُونَ فِي الضِّيَافَةِ، بِحَسَبِ تَفَاضُلِهِمْ فِي جزية الرؤوس إِذَا جُعِلَتِ الضِّيَافَةُ تَبَعًا.

وَالثَّانِي: يَتَسَاوَوْنَ فِي الضِّيَافَةِ، وَإِنْ تَفَاضَلُوا فِي الْجِزْيَةِ إِذَا جُعِلَتِ الضِّيَافَةُ أَصْلًا.

وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي: فِي أَيَّامِ الضِّيَافَةِ: فَالْعُرْفُ وَالشَّرْعُ فِيهَا لِكُلِّ ضَيْفٍ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَمَّا الْعُرْفُ فَمَشْهُورٌ فِي النَّاسِ تَقْدِيرُهَا بِالثَّلَاثِ

وَأَمَّا الشَّرْعُ: فَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَكْرُمَةٌ.

وَرُوِيَ " صَدَقَةٌ "، وَلِأَنَّ الضِّيَافَةَ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُسَافِرِ وَمُقَامُهُ فِي سَفَرِهِ ثَلَاثٌ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مُغَيِّرٌ لحكم السفر إلى الإقاة، وَالضِّيَافَةُ لَا يَسْتَحِقُّهَا مُقِيمٌ، فَإِنْ زَادَ فِي الشرط

<<  <  ج: ص:  >  >>