للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ثَلَاثٍ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا كَانَ الشَّرْطُ أَحَقَّ مِنْ مُطْلَقِ الشَّرْعِ وَالْعُرْفِ، وَيَذْكَرُ عَدَدَ أَيَّامِ الضِّيَافَةِ فِي السَّنَةِ أَنَّهَا مِائَةُ يَوْمٍ أَوْ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ لِيَكُونَ أَنْفَى لِلْجَهَالَةِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الضِّيَافَةِ، وَأَيَّامَهَا فِي السَّنَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ قُدُومِ كُلِّ قَوْمٍ كَانَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الضِّيَافَةِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ إِذَا جُعِلَتْ تَبَعًا. وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ إِذَا جُعِلَتْ أَصْلًا.

وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ: فَهُوَ قَدْرُ الضِّيَافَةِ، فَمُعْتَبَرَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: جِنْسُ الطَّعَامِ، وَذَلِكَ غَالِبُ أَقْوَاتِهِمْ مِنَ الْخُبْزِ وَالْأُدْمِ، فَإِنْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ الْحِنْطَةَ، ويتأدمون باللحم، فإن عليهم يُضِيفُوهُمْ بِخُبْزِ الْحِنْطَةِ وَأُدْمِ اللَّحْمِ.

وَإِنْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ الشَّعِيرَ، وَيَتَأَدَّمُونَ بِالْأَلْبَانِ أَضَافُوهُمْ مِنْهُ أَوْ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا هُوَ غَالِبُ قُوتِهِمْ وَإِدَامِهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ ثِمَارٌ وَفَوَاكِهُ يَأْكُلُونَهَا غَالِبًا فِي كُلِّ يَوْمٍ شَرَطَهَا عَلَيْهِمْ فِي زَمَانِهَا وَلَيْسَ لِلْأَضْيَافِ أَنْ يُكَلِّفُوهُمْ مَا لَيْسَ بِغَالِبٍ مِنْ أَقْوَاتِهِمْ، وَإِدَامِهِمْ، وَلَا ذَبْحَ حُمْلَانِهِمْ وَدَجَاجِهِمْ، وَلَا الْفَوَاكِهَ النَّادِرَةَ وَالْحَلْوَى الَّتِي لَا تُؤْكَلُ فِي يَوْمٍ غَالِبًا، وَلَا مَا لَمْ يَتَضَمَّنْهُ شَرْطُ صُلْحِهِمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مِقْدَارُ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ، وَلِلطَّعَامِ فِي الشَّرْعِ أَصْلٌ أَكْثَرُهُ " مُدَّانِ " مِنْ حَبٍّ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى، وَأَقَلُّهُ " مُدٌّ " فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَحْتَاجُ أَحَدٌ فِي الْأَغْلَبِ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ " مُدَّيْنِ " وَلَا يَقْتَنِعُ فِي الْأَغْلَبِ بِأَقَلَّ مِنْ " مُدٍّ " و " الْمُدُّ " رِطْلٌ وَثُلُثٌ، وَيَكُونُ خُبْزُهُ رَطْلَيْنِ، وَالْمُدَّانِ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ خُبْزًا.

فَأَمَّا الْإدَامُ، فَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، فَيَكُونُ مِقْدَارُهُ مُعْتَبَرًا بِالْعُرْفِ الْغَالِبِ يَشْرِطُ لِكُلِّ ضَيْفٍ مِنَ الْخُبْزِ كَذَا، فَإِنْ ذَكَرَ أَقَلَّ مِنْ رِطْلَيْنِ لَمْ يَقْتَنِعْ، وَإِنْ ذَكَرَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهَا، وَلَوْ شَرَطَ ثَلَاثَةً كَانَ وَسَطًا، وَيَذْكُرُ جِنْسَ الْإِدَامِ، وَمِقْدَارَهُ لِلضَّيْفِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وإن كانت له دواب ذكر ما يعلقه الْوَاحِدُ مِنْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ التِّبْنِ وَالْقَتِّ وَالشَّعِيرِ بِمِقْدَارٍ كَافٍ، لَا سَرَفَ فِيهِ ولا تقتير، فإن شرط علفها، وأطلقه علقت التِّبْنَ وَالْقَتَّ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ لِلْأَضْيَافِ أُجْرَةُ حَمَّامٍ، وَلَا طَبِيبٍ، وَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ أَنَّ مَنِ انْقَطَعَ مَرْكُوبُهُ حَمَلُوهُ إِلَى أَقْرَبِ بِلَادِ الضِّيَافَةِ لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِمْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ.

وَالْوَجْهُ الثالث: السكن لحاجتهم إليه ب فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، فَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُسَكِّنُوهُمْ مِنْ فُضُولِ مَنَازِلِهِمْ، وَكَنَائِسِهِمْ، وَبِيَعِهِمْ، لِيَكِنُّوا فِيهَا مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ، وَكَذَلِكَ لِدَوَابِّهِمْ. وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِلَى الشَّامِ أَنْ يُؤْخَذَ أَهْلُ الذِّمَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>