للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْ يَكُونَ عَلَى أَبْوَابِهِمْ أَثَرٌ يَتَمَيَّزُ بِهَا دُورُهُمْ، فَقَدْ أَخَذَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْضَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِذَلِكَ، فَكَانَ أَوْلَى،

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُخْفُوا دَفْنَ مَوْتَاهُمْ، وَلَا يُظْهِرُوا إِخْرَاجَ جَنَائِزِهِمْ. وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا يُظْهِرُوا عَلَى مَوْتَاهُمْ لَطْمًا، وَلَا نَدْبًا، وَلَا نَوْحًا. وَالْخَامِسُ: أَنْ لَا يَدْخُلُوا مَسَاجِدَنَا صِيَانَةً لَهَا مِنْهُمْ. وَالسَّادِسُ: أَنْ لَا يَتَمَلَّكُوا مِنْ رَقِيقِ الْمُسْلِمِينَ عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، لِئَلَّا يُذِلُّوهُمْ بِالِاسْتِرْقَاقِ، وَيَحْمِلُوهُمْ عَلَى الِارْتِدَادِ. فَهَذِهِ السِّتَّةُ إِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ عَلَيْهِمْ لَمْ تَلْزَمْهُمْ، وَفِي لُزُومِهَا إِذَا شُرِطَتْ عَلَيْهِمْ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا تَلْزَمُ لِخُرُوجِهَا عَلَى مُحَرَّمٍ وَمُنْكَرٍ، فَعَلَى هَذَا إِنْ خَالَفُوهَا بَعْدَ اشْتِرَاطِهَا غزروا عَلَيْهَا، وَلَمْ يَنْتَقِضْ بِهَا عَهْدُهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالشَّرْطِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْإِسْلَامُ يَعْلُو، وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ " فَعَلَى هَذَا إذا خالفوها بعد بالشرط، فَعَلَى انْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ بِهَا قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْقِسْمُ الْخَامِسُ: وَهُوَ مَا لَا يَجِبُ بِعَقْدٍ، وَلَا شَرْطٍ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى إِذْلَالِهِمْ، وَذَلِكَ سِتَّةُ أَشْيَاءٍ: أَحَدُهَا: أَنْ لَا يُعْلُوا أَصْوَاتهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَتَقَدَّمُوا عَلَيْهِمْ فِي الْمَجَالِسِ. وَالثَّالِثُ: لَا يُضَايِقُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ، وَلَا يَمْشُوا فِيهَا إِلَّا أَفْرَادًا مُتَفَرِّقِينَ. وَالرَّابِعُ: أَنْ يَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، وَلَا يُسَاوُوهُمْ فِي الرَّدِّ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " اضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطُرُقِ، وَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ " وَالْخَامِسُ: إِذَا اسْتَعَانَ بِهِمْ مُسْلِمٌ فيما لا يستضروا بِهِ أَعَانُوهُ. وَالسَّادِسُ: أَنْ لَا يَسْتَبْذِلُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ مِهَنِ الْأَعْمَالِ بِأَجْرٍ وَلَا تَبَرُّعٍ. فَهَذِهِ السِّتَّةُ تُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ إِذْلَالًا لَهُمْ، فَإِنْ خَالَفُوهَا لَمْ يَنْتَقِضْ بِهَا عَهْدُهُمْ، وَجبِرُوا عَلَيْهَا، إِنِ امْتَنَعُوا مِنْهَا، فَإِنْ أَقَامُوا عَلَى الِامْتِنَاعِ عُزِّرُوا.

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا يَنْتَقِضُ بِهِ الْعَهْدُ، وَلَا يَنْتَقِضُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِضْ بِهِ عَهْدُهُمْ، أُخِذُوا بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُقُوقِ، وَأُقِيمَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَتْلٍ، وَلَزِمَهُ مِنْ حَدٍّ، وَقُوِّمُوا بِهِ مِنْ تَأْدِيبٍ وَإِنِ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، نُظِرَ حَالُهُمْ بَعْدَ نَقْضِهِمْ، فَإِنْ قَاتَلُوا بَطَلَ أَمَانُهُمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>