للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يَسْتَأْنِفُوا بِنَاءَهَا بَعْدَ الْعَهْدِ، فَلَا يَخْلُو مُجَاوِرُوهُمْ فِي مَوْضِعِهِمْ مِنَ الْمِصْرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ مِنْ غَيْرِ دِينِهِمْ.

فَإِنْ كَانَ مُجَاوِرُوهُمْ مُسْلِمِينَ، لَمْ يكن لهم أن يعلو بِأَبْنِيَتِهِمْ عَلَى أَبْنِيَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَيَطَّوَّلُوا عَلَى أَبْنِيَتِهِمْ، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

الإسلام يعلو ولا يعلى

فإن علو بِأَبْنِيَتِهِمْ هُدِمَتْ عَلَيْهِمْ، وَهَلْ يُمَكَّنُونَ مِنْ مُسَاوَاتِهِمْ فِي الْأَبْنِيَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمُسَاوَاةِ، لِأَنَّهُ قَدْ أُمِنَ الِاسْتِعْلَاءُ وَالِاسْتِشْرَافُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُمْنَعُونَ مِنَ الْمُسَاوَاةِ حَتَّى تُنْقَصَ أَبْنِيَتُهُمْ عَنْ أَبْنِيَةِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُمْنَعُونَ مِنَ الْمُسَاوَاةِ فِي اللِّبَاسِ وَالرُّكُوبِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

الإسلام يعلو، ولا يعلى.

وهل يراعى المنع مِنَ الِاسْتِعْلَاءِ فِي مَوْضِعِهِمْ مِنَ الْمِصْرِ أَوْ فِي جَمِيعِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي مَوْضِعِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ جِيرَةٍ، لِأَنَّ مَا بَعُدَ عَنْهُمْ، فَقَدْ أَمِنَ إِشْرَافَهُمْ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: يُمْنَعُونَ فِي جَمِيعِ الْمِصْرِ أَنْ يَتَطَاوَلُوا بِالِاسْتِعْلَاءِ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ، وَإِنْ كَانَ مُجَاوِرُوهُمْ فِي مَوْضِعِهِمْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَتَطَاوَلُوا فِيهَا بِأَبْنِيَتِهِمْ، فَيَعْلُوَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ كَمَا يَعْلُو بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضٍ، وَهَلْ يُمْنَعُ جميعهم أن يعلو بِأَبْنِيَتِهِمْ عَلَى أَبْنِيَةِ مَنْ لَا يُجَاوِرُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ أَوْ لَا؟ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ:

وَإِنْ كَانَ مُجَاوِرُوهُمْ فِي مَوْضِعِهِمْ أَهْلَ ذِمَّةٍ عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَالَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْأَبْنِيَةِ، لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُمْنَعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِذَا اسْتَعْدَوْنَا، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنَ الْمُسَاوَاةِ، لِأَنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَمْنَعَ كُلَّ صِنْفٍ مِنْهُمْ مِمَّا نَمْنَعُ بِهِ أَنْفُسَنَا.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: مِنْ مَسَاكِنِهِمْ أَنْ تَكُونَ قَدِيمَةَ الْأَبْنِيَةِ، إِمَّا لِأَنَّهُمْ سَكَنُوهَا قَبْلَ صُلْحِهِمْ، أَوْ لِأَنَّهُمُ اشْتَرَوْهَا مِنْ مُسْلِمٍ بَعْدَ الصُّلْحِ، فَيَجُوزُ إِقْرَارُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>