للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّرْطُ الثَّامِنُ: أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُقِيمًا عَلَى كُفْرِهِ؛ لِيَكُونَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهَا، فَإِنْ أَسْلَمَ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَيَكُونَانِ عَلَى النِّكَاحِ، وَلَا مَهْرَ لَهُ لِتَمْكِينِهِ مِنْهَا، فَلَوْ كَانَ قَدْ أَخَذَ الْمَهْرَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ اسْتَرْجَعَ مِنْهُ؛ لِئَلَّا يَكُونَ مَالِكًا لِبُضْعِهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ إِسْلَامُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَقَدْ بَطَلَ النِّكَاحُ، بِانْقِضَائِهَا ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْمَهْرِ: فَإِنْ كَانَ قَدْ أُخِذَ بِالطَّلَبِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُسْتَرْجَعْ مِنْهُ، وَصَارَ بِالْقَبْضِ مُسْتَهْلَكًا فِي الشِّرْكِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذِ الْمَهْرَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ نُظِرَ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ طَلَبَهَا حَتَّى أَسْلَمَ، فَلَا مَهْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْنُوعٍ أَنْ يَسْتَأْنِفَ نِكَاحَهَا، وَإِنْ قَدَّمَ الطَّلَبَ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا حَتَّى أَسْلَمَ، فَفِي اسْتِحْقَاقِهِ لِمَهْرِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ لِوُجُوبِهِ بِالطَّلَبِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّهُ مُمَكَّنٌ مِنْ نِكَاحِهَا إِنْ أَحَبَّ.

وَالشَّرْطُ التَّاسِعُ: أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُقِيمًا عَلَى نِكَاحِهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا، فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ طَلَاقُهُ بِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ لَهَا، فَلَهُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحَقَّهُ بِالْمَنْعِ، وَلَا يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ كَمَا لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ طَلَاقُهُ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ بِهَا، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بَائِنًا بِثَلَاثٍ أَوْ خُلْعٍ، فلا مهرله؛ لِأَنَّهُ رَاضٍ بِتَرْكِهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ طَلَاقُهُ رَجْعِيًّا، فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى رَجْعَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْ، فَلَا مَهْرَ لَهُ؛ لِتَرْكِهَا عَنْ رِضًى، وَإِنْ رَاجَعَهَا، فَلَهُ الْمَهْرُ لِارْتِفَاعِ الطَّلَاقِ بِالرَّجْعَةِ، فَصَارَ بَاقِيًا عَلَى التَّمَسُّكِ بِهَا، فَإِذَا اسْتَقَرَّ مَهْرُهَا بِاسْتِكْمَالِ هَذِهِ الشُّرُوطِ التِّسْعَةِ، وَكَانَتِ الْمُطَالَبَةُ بِزَوْجَةٍ أَوْ زَوْجَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، حُكِمَ لَهُ بِمُهُورِهِنَّ كُلِّهِنَّ، وَلَوْ طَالَبَ بِعَشْرِ زَوْجَاتٍ أَسْلَمْنَ عَنْهُ وَقَدْ نَكَحَهُنَّ فِي الشِّرْكِ قِيلَ لَهُ: اخْتَرْ مِنْ جُمْلَتِهِنَّ أَرْبَعًا، وَلَكَ مُهُورُهُنَّ، وَلَا مَهْرَ لَكَ فِيمَا عَدَاهُنَّ، لِاسْتِقْرَارِ الشَّرْعِ عَلَى تَحْرِيمِ مَنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَإِذَا كَانَ الْمَهْرُ مُسْتَحَقًّا، فَقَدْ قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: الْمُسْتَحَقُّ فِيهِ هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١٠] ، وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ مَا دُفِعَ، فَإِنْ كَانَ أَقَلُّهَا مَهْرَ مِثْلِهَا رَجَعَ بِهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِمَا غَرِمَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْبُضْعِ الْفَائِتِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>