للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ النَّخَعِيِّ: أَنَّ أَبْوَالَهَا وَأَرْوَاثَهَا كُلَّهَا طَاهِرَةٌ

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَمَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، أَنَّ بَوْلَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وروثه طاهر، وبول ما لا يؤكل لمه وَرَوْثَهُ نَجِسٌ

وَالرَّابِعُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة أَنَّ أَبْوَالَ جَمِيعِهَا وَأَرْوَاثَهَا نَجِسَةٌ إِلَّا مَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ مِنْ ذَرْقِ الْخُفَّاشِ وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا مَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فإن كان غير مأكول اللحم فهو كالعدرة يُعْفَى عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ فَذَرَقَهُ كَالْعَذِرَةِ أَيْضًا يُعْفَى عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنه

وَقَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّفَاحُشُ، وَقَدْرُ التَّفَاحُشِ رُبْعُ الثَّوْبِ فَفَرَّقَ بَيْنَ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ وَسَوَّى أبو يوسف، ومحمد بَيْنَ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ فِي اعْتِبَارِ التَّفَاحُشِ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَقَدْرُ ذَلِكَ الرُّبْعُ، وَاسْتَدَلُّوا فِي الْجُمْلَةِ عَلَى طَهَارَةِ ذَلِكَ مَعَ اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ بِرِوَايَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ "

وَبِرِوَايَةِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ قَوْمًا مِنْ عُرَنَةَ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمَدِينَةِ فَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ فَانْتَفَخَتْ أَجْوَافُهُمْ فَبَعَثَهُمْ إِلَى لِقَاحِ الصَّدَقَةِ لِيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا

قَالُوا: وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طاف بالبيت راكباً على راحلته يومي إِلَى الْبَيْتِ بِمِحْجَنِهِ وَمَعْلُومٌ مِنْ حَالِ الرَّاحِلَةِ أَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنَ الْبَوْلِ وَالرَّوْثِ، فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَامْتَنَعَ مِنْ تَنْجِيسِ الْمَسْجِدِ بِهِ قَالُوا: وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى ذَرْقِ الْحَمَامِ مَعَ كَثْرَتِهِ فَدَلَّ هَذَا الْفِعْلُ عَلَى طَهَارَتِهِ

قَالُوا: وَلِأَنَّ عسل النحل من المخرج وليس بنجس، ولأن الأنفخة كَرِشٌ وَهِيَ طَاهِرَةٌ

وَالدَّلَالَةُ عَلَى تَنْجِيسِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: ٦٦] فَامْتَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْنَا بِإِخْرَاجِ اللَّبَنِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ

وَفَائِدَةُ الِامْتِنَانِ إِخْرَاجُ طَاهِرٍ مِنْ بَيْنِ نَجِسَيْنِ

وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ في كبير أما أحدهما يسعى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَتَنَزَّهُ مِنَ البول

<<  <  ج: ص:  >  >>