للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثلاثة دراهم ونصف، ونصف أرش جراحة، وَهِيَ نِصْفُ دِرْهَمٍ يَتَحَمَّلُهُ عَنِ الْأَوَّلِ، فَيَصِيرُ عَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَبَقِيَ عَلَى الْأَوَّلِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، فَيَكُونُ الْوَجْهَانِ مُتَّفِقَيْنِ فِي الْجَوَابِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي التَّعْلِيلِ.

وَاخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْوَجْهِ فِيمَا يَحْمِلُهُ الثاني عن الأول من نصف الأرش: هي يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنَ الثَّانِي؟ ، أَوْ يَكُونُ سَاقِطًا عَنْهُ بِضَمَانِ الثَّانِي؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ يَكُونُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنَ الثَّانِي كَالْغَاصِبِ إِذَا غَصَبَ عَبْدًا، فَجَرَحَهُ آخَرُ فِي يَدِهِ كَانَ أَرْشُ الْجِرَاحَ مِنْ ضَمَانِهِ وَضَمَانِ غَاصِبِهِ، كَذَلِكَ هَاهُنَا، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَالِكُ الْعَبْدِ مُخَيَّرًا فِي أَخْذِ نِصْفِ أَرْشِ جِرَاحَةِ الثَّانِي فِي الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي، فَإِنْ أَخَذَهُ مِنَ الْأَوَّلِ رَجَعَ بِهِ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنَ الثَّانِي لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ إِنَّهُ يَسْقُطُ عَنِ الْأَوَّلِ بِضَمَانِ الثَّانِي كَمَا سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ بِضَمَانِ الثَّانِي، فَلَا يَسْتَحِقُّ مَالِكُ الصَّيْدِ مُطَالَبَةَ الْأَوَّلِ بِهِ، وَيَسْتَحِقُّهُ عَلَى الثَّانِي مَعَ نِصْفِ الْقِيمَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا كَانَ اعْتِبَارُ قِيمَةِ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْجَارِحِينَ سَوَاءً، فَتَكُونُ الْقِيمَةُ قَبْلَ الْجِرَاحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ، كَالْحُرِّ إِذَا جَرَحَهُ اثْنَانِ، فَمَاتَ كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَيْهَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ مَا عَلَى الثَّانِي مِنْهُمَا أَقَلَّ مِمَّا عَلَى الْأَوَّلِ.

قِيلَ: لِأَنَّ دِيَةَ الْحُرِّ بَعْدَ الْجِنَايَةِ كَدِيَتِهِ قَبْلَهَا، وَقِيمَةَ الْعَبْدِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ قَبْلَهَا، أَلَا تَرَاهُ لَوْ قَتَلَ حُرًّا مَقْطُوعَ الْيَدِ كَانَتْ عَلَيْهِ دِيَةُ مَنْ لَيْسَ بِأَقْطَعَ؟ ، وَلَوْ قَتَلَ عَبْدًا مَقْطُوعَ الْيَدِ كَانَتْ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ أَقْطَعَ؟ فَهَذَا حُكْمُ الْوَجْهِ الثَّانِي.

(فَصْلٌ:)

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ إِنَّهُ كَالْوَجْهِ الثَّانِي فِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَنِصْفِ الْأَرْشِ، لَكِنْ لَا يَحْتَمِلُ الثَّانِي عَنِ الْأَوَّلِ مَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ الْأَرْشِ، وَتُقَسَّمُ قِيمَةُ الصَّيْدِ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ مَا لَزِمَهَا.

وَبَيَانُهُ: أَنْ نَقُولَ: إِذَا كَانَتْ جِرَاحَةُ الْأَوَّلِ دِرْهَمًا، وَجِرَاحَةُ الثَّانِي دِرْهَمًا عَلَى أَنَّ لِلْأَوَّلِ نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَنِصْفُ الْجِرَاحَةِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ، وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ الْقِيمَةِ مَجْرُوحًا، وَنِصْفُ الْجِرَاحَةِ خمسة دراهم بعير عليها ما عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ، وَقِيمَةُ الصَّيْدِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، لَا يَسْتَحِقُّ مَالِكُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَتُقَسَّمُ الْعَشَرَةُ الَّتِي هِيَ الْقِيمَةُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ وَنِصْفٍ، فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ من عشرة أسهم ونصف من العشرة، وكان عَلَى الثَّانِي مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ مِنْ عَشَرَةِ أسهم ونصف

<<  <  ج: ص:  >  >>