للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَمُوتَ هَذَا الصَّيْدُ بِاصْطِيَادِهِ فَلَا يَخْلُو حَالُ مَا مَاتَ بِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَمُوتَ فِي شَبَكَةٍ قَدْ وَضَعَهَا فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الشَّبَكَةِ مُبَاحٌ، فَلَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَمُوتَ بِسَهْمٍ رَمَاهُ، فَيَكُونَ ضَامِنًا له؛ لأن تَلِفَ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مَغْرُورًا بِهِ؛ لِأَنَّ الضمان لا يقسط إِلَّا بِالْأَعْذَارِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَمُوتَ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُضْمَنُهُ كَمَا يُضْمَنُونَهُ بِسَهْمِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْكَلْبِ منسوبٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ، وَقَتْلَ السَّهْمِ مَنْسُوبٌ إِلَى رَامِيهِ.

(فَصْلٌ:)

وَهَكَذَا مَا أَخَذَهُ مِنْ أَحْجَارِ الْجِبَالِ، وَخَشَبِ الْغِيَاضِ إِذَا وَجَدَ فِيهِ صَنْعَةَ آدميٍّ، مِنْ نَقْرٍ أَوْ نَحْتٍ أَوْ تَرْبِيعٍ لَمْ يَمْلِكْهُ كَالصَّيْدِ، فَأَمَّا إِذَا صَادَ سَمَكَةً وَجَدَ فِي جَوْفِهَا جَوْهَرَةً، فَإِنْ كَانَ فِيهَا أَثَرُ صَنْعَةٍ مَلَكَ السَّمَكَةَ وَلَا يَمْلِكُ الْجَوْهَرَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَثَرُ صَنْعَةٍ نُظِرَ، فَإِنْ صَادَهَا مِنْ بَحْرِ ذَلِكَ الْجَوْهَرِ، أَوْ كَانَ فِيهَا غَيْرُهُ فَصَادَهَا مِنْ بَحْرِ بالْعَنْبَرِ وَالْعَنْبَرُ مَلِكُهَا، وَلَمْ يَمْلِكِ الْجَوْهَرَةَ وَالْعَنْبَرَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ فِي جَوْفِهَا ذَهَبًا فَإِنْ كَانَ مَطْبُوعًا لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَطْبُوعٍ وَلَيْسَ فِيهِ أَثَرُ النَّارِ فَإِنْ كَانَتْ فِي بَحْرٍ هُوَ مِنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ مَعَادِنِهِ لم يملكه وكان لقطة.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ شَقَّ السَّبُعُ بَطْنَ شاةٍ فَوَصَلَ إِلَى مِعَاهَا مَا يُسْتَيْقَنُ أَنَّهَا لَمْ تُذَكَّ مَاتَتْ فَذُكِّيَتْ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبْعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} والذكاة جائزةٌ بالقرآن (قال المزني) رحمه الله: وأعرف من قوله أنها لا تؤكل إذا بلغ بها ما لا بقاء لحياتها إلا حياة المذكى وهو قول المدنيين وهو عندي أقيس لأني وجدت الشاة تموت عن ذكاةٍ فتحل وعن عقرٍ فتحرم فلما وجدت الذي أوجب الذبح موتها وتحليلها لا يبدلها أكل السبع له ولا يرد بها كان ذلك في القياس إذا أوجب السبع موتها وتحريمها لم يبدلها الذبح لها ولا أعلم خلافاً أن سبعاً لو قطع ما يقطع المذكي من أسفل حلقها أو أعلاه ثم ذبحت من حيث لم يقطع السبع من حلقها أنها ميتةٌ ولو سبق الذابح ثم قطع السبع حيث لم يقطع الذابح من حلقها أنها ذكيةٌ وفي هذا على ما قلت دليلٌ وقد قال الشافعي ولو أَدْرَكَ الصَّيْدَ وَلَمْ يَبْلُغْ سِلَاحُهُ أَوْ مُعَلَّمُهُ ما يبلغ الذابح فَأَمْكَنَهُ أَنْ يَذْبَحَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَأَكُلْ (قال المزني)

<<  <  ج: ص:  >  >>