للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أن رواية أبو رَمْلَةَ عَنْ مِحْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ، وَهُمَا مَجْهُولَانِ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ جَمْعَهُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَتِيرَةِ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحُكْمِ.

وَالْعَتِيرَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ لَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَشْهَدْ مُصَلَّانَا " فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ جَمَعَ فِي التَّرْكِ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ، وَالتَّأَخُّرِ عَنِ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ سُنَّةٌ، فَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ مَا أَمَرْنَاهُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ، فَلْيَتْرُكْ مَا أَمَرْنَاهُ مِنَ الصَّلَاةِ.

وَالثَّانِي: إِنَّ هَذَا زَجْرٌ يَتَوَجَّهُ إِلَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ، كَمَا قَالَ: " مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ شَيْئًا، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا ".

فَأَمَّا الْوَاجِبَاتُ، فَالْأَمْرُ بِهَا، وَإِلْزَامُ فِعْلِهَا، أَبْلَغُ فِي الْوُجُوبِ مِنْ هَذَا الزَّجْرِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا عَلَى الْإِعَادَةِ اسْتِحْبَابًا، وَإِمَّا عَلَى الْوُجُوبِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ نَذْرًا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَهُوَ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ لَمَّا اسْتَوَى فِيهَا، الْحَاضِرُ وَالْمُسَافِرُ، وَلَزِمَ قَضَاؤُهَا مَعَ الْفَوَاتِ، وَخَلَفَ مِنْهَا لِأُضْحِيَّةٍ، جَازَ أَنْ تَجِبَ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَلَمْ تَجِبِ الْأُضْحِيَّةُ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ بِأَنَّ مَا وَجَبَ بِالنَّذْرِ كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ فَهُوَ أَنَّ لَهُ في الشرع أصل في دماء الحج، فلم يحتج أن يكون الْأُضْحِيَّةُ لَهُ أَصْلًا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِوَقْتِهَا، وَالِامْتِنَاعِ مِنَ الْعُيُوبِ فِيهَا، فَهُوَ إِنَّ هَذَيْنِ مُعْتَبَرَانِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ اعْتِبَارُهَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ لا يقتضي وجوبها عليه، والله أعلم. القول في أخذ المضحي من شعره وبشره في عشر ذي الحجة

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَأَمَرَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ لَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا اتِّبَاعًا وَاخْتِيَارًا بِدَلَالَةِ السُّنَّةِ وَرَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثُمَّ يُقَلِّدُهَا هُوَ بِيَدِهِ ثَمَّ يَبْعَثُ بِهَا فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شيءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَى نَحَرَ الْهَدْيَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةُ تطوعٍ لَا نُحِبُّ تَرْكَهَا وَإِذْ كَانَتْ غَيْرَ فرضٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَصْلُ هَذَا مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>