للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ عَلِيًّا سَاقَ الْهَدْيَ مِنَ الْيَمَنِ فَجَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبْلَ الْإِيجَابِ شَرِيكًا.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ جَعَلَهُ شَرِيكًا فِي نَحْرِهَا لَا فِي التَّقَرُّبِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ نحر بنفسه منها ثلاث وَسِتِّينَ ثُمَّ أَمَرَ عَلِيًّا بِنَحْرِ بَاقِيهَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِإِيجَابِ عِتْقِ الْعَبْدِ فَمِنْ وجهين:

أحدهما: أن العبد إذا أوجب عتق لَمْ يَصِرْ حُرًّا وَالشَّاةَ إِذَا أَوْجَبَهَا أُضْحِيَّةً صَارَتْ أُضْحِيَّةً فَافْتَرَقَا.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ لَمَّا مَنَعَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْعَبْدِ وَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْأُضْحِيَّةِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالزَّكَاةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِالذِّمَّةِ وَتَعَلُّقُ الْأُضْحِيَّةِ بِالْعَيْنِ.

وَالثَّانِي: إِنَّ بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ إِذَا تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ بِمَثَابَتِهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ لَحْمَ غَيْرِهَا لَحْمِهَا فَبُطْلَانُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعِتْقِ إِذَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي عَبْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَهُ بِغَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: حَقُّ الْآدَمِيِّينَ فِي الْبَيْعِ إِذَا بَاعَ عَبْدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَهُ بِغَيْرِهِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَصِرْ مِلْكًا لِلْفُقَرَاءِ دَلَّ عَلَى بَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ قَبْلَ الذَّبْحِ كَحَقِّهِمْ فِيهَا بَعْدَهُ فَلَمْ يَسْلَمِ الِاسْتِدْلَالُ.

وَالثَّانِي: إِنَّ بُطْلَانَهُ بِالْوَقْفِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَلَمْ يَصِرْ مِلْكًا لِغَيْرِهِ. بَيْعُ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَإِنْ بَاعَهَا فَالْبَيْعُ مفسوخٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ إِيجَابَهَا إِذَا أَوْجَبَ زَوَالَ مِلْكِهِ عَنْهَا بَطَلَ بَيْعُهَا إِنْ بَاعَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا لِلْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّهُمْ فِيهَا غَيْرُ مُعَيَّنِينَ، فَإِنِ اسْتَبْقَى عَيْنَهَا وَبَاعَ نَمَاءَهَا بَطَلَ بَيْعُ النَّمَاءِ كَبُطْلَانِ بَيْعِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِأَصْلِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّمَاءُ نِتَاجًا أَوْ لَبَنًا أَوْ صُوفًا، فَإِنْ وَهَبَ النَّمَاءَ صَحَّتْ هِبَةُ اللَّبَنِ وَالصَّوْفِ وَلَمْ تَصِحَّ هِبَةُ النِّتَاجِ، لِمَا يَلْزَمُ مِنْ نَحْرِهِ وَالتَّقَرُّبِ بِإِرَاقَةِ دمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>