للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا مَلَكَ كَانَ الْمُكَاتَبُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ وَإِنْ جُوِّزَتْ لِلْعَبْدِ إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ يَمْلِكُ فَفِي جَوَازِهَا مِنَ الْمُكَاتَبِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَجُوزُ مِنْهُ وَتَصِحُّ لَهُ الْأُضْحِيَّةُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَلَيْسَ فِيهَا بِالسَّوَاءِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ إِذَا مَلَكَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ، لِأَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَمْلِكُ مَا بِيَدِهِ وَإِنْ مَلَكَ مَا فِي يَدِ عَبْدِهِ فَصَحَّ إِذْنُهُ مَعَ عَبْدِهِ وَضَعُفَ مَعَ مُكَاتَبِهِ.

(فَصْلٌ:)

فَأَمَّا مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ مَمْلُوكٌ إِذَا مَلَكَ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ مَالًا صَحَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمِلْكِ رِقَّةُ حَجْرٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَيَكُونُ أَهْلِ الضَّحَايَا بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِغَيْرِ اعتراض كما لكامل الحرية.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَإِذَا نَحَرَ سبعةٌ بدنةٌ أَوْ بقرةٌ فِي الضَّحَايَا أَوِ الْهَدْيِ كَانُوا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ واحدٍ أو شتى فسواءٌ وذلك يجزي وإن كان بعضهم مضحياً وبعضهم مهدياً أو مفتدياً أجزأ لأن سبع كل واحدٍ منهم يقوم مقام شاةٍ منفردةٍ وكذلك لو كان بعضهم يريد بنصيبه لحماً لا أضحيةً ولا هدياً وقال جابر بن عبد الله نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يوم الْحُدَيْبِيَّةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سبعةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سبعةٍ (قَالَ الشافعي) رحمه الله: وهم شتى ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْبَدَنَةُ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَهِيَ عَنْ سَبْعَةٍ وَكَذَلِكَ الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ وَيَقُومُ كُلُّ سَبُعٍ مَقَامَ شَاةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: الْبَدَنَةُ عَنْ عَشَرَةٍ وَكَذَلِكَ الْبَقَرَةُ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتِجَاجًا بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: نَحَرْنَا الْبَدَنَةَ عَنْ عَشَرَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ عَشَرَةٍ، وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْبَدَنَةُ فِي الْغَنَائِمِ بعشرٍ مِنَ الْغَنَمِ " فَكَذَلِكَ فِي الضَّحَايَا.

وَدَلِيلُنَا: مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامَ الْحُدَيْبِيَّةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَهَذَا لَا يَكُونُ مِنْهُمْ إِلَّا عَنْ أَمْرِهِ، عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَدْ رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحَرَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.

فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهُوَ مَوْقُوفٌ وَلَيْسَ بِمُسْنَدٍ وَمَتْرُوكٌ، وَغَيْرُهُ مَعْمُولٌ بِهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَعْدِيلِهَا فِي الْغَنَائِمِ بِعَشْرٍ مِنَ الْغَنَمِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ فِي الضَّحَايَا أصلاً، لأنه قد اختلف قتادة جُعِلَ بِعَشْرٍ وَتَارَةً بِأَقَلَّ وَتَارَةً بِأَكْثَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>