للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ عَلِيٍّ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ نَهْيَ فَاطِمَةَ عَنْهُ، لِأَنَّهُ عَقَّ عَنْهُمَا.

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ سُئِلَ عَنِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ: " لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ وَلَكِنْ مَنْ وُلِدَ لَهُ ولدٌ فَأُحِبُّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَنَدَبَ إِلَى الْفِعْلِ.

وَلَكِنَّ وَلِيمَةَ النِّكَاحِ مَسْنُونَةٌ، وَمَقْصُودَهَا طَلَبُ الْوَلَدِ فَكَانَ وِلَادَةُ الْوَلَدِ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ الْإِطْعَامُ فِيهِ مَسْنُونًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ كُرْزٍ " أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا " رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ يَعْنِي بِهِ أَمَاكِنَهَا وَأَوْكَارَهَا، وَرَوَاهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِ يَعْنِي: وَقْتَ تَمَلُّكِهَا، وَاسْتِقْرَارِهَا، وَفِي الْمُرَادِ بِهِ تَأْوِيلَانِ مُخْتَلِفَانِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ تَأْوِيلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ رَوَاهُ بِكَسْرِ الْكَافِ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْتَاقُ الطَّيْرَ وَتَزْجُرُهَا تَفَاؤُلًا وَتَطَيُّرًا إِذَا أَرَادُوا حَاجَةً أَوْ سَفَرًا فَيَنْفِرُونَ أَوَّلَ طَائِرٍ يَسْفَحُ لَهُمْ، فَإِنْ طَارَ ذَاتَ اليمين قالوا هذا طائر الأيامن فيتيمنوا به، وتوجهوا، وأيقنوا بِالنَّجَاحِ، وَإِنْ طَارَ ذَاتَ الشِّمَالِ قَالُوا هَذَا طير الأشائم فتشائموا بِهِ وَعَادُوا مُعْتَقَدِينَ لِلْخَيْبَةِ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ هَذَا، وَقَالَ: " إِنَ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْفَأْلَ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ ".

وَرَوَى قَبِيصَةُ بْنُ الْمُخَارِقِ الْهُزَلِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنَّهُ نَهَى عَنِ الطِّيَرَةِ وَالْعِيَافَةِ وَالطَّرْقِ ". الْعِيَافَةُ [هي] : زَجْرُ الطَّيْرِ، وَالطَّرْقُ: هُوَ الضَّرْبُ، وَبِهِ سُمِّيَتْ مِطْرَقَةُ الْحَدَّادِ.

وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ مَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ فِي الْكَافِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ النَّهْيَ عَنْ صَيْدِ اللَّيْلِ إِذَا أَوَتِ الطَّيْرُ إِلَى أَمَاكِنِهَا، وَاخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِهَذَا فِي مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ صَيْدِ اللَّيْلِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّعَةِ وَالرَّاحَةِ وَقَالَ آخَرُونَ: لِأَنَّ أَوْكَارَهَا مَأْوَى الْهَوَامِّ الْمَخُوفِ.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا تَقَرَّرَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَقِيقَةَ سُنَّةٌ فَالْكَلَامُ فِيهَا يَشْتَمِلُ عَلَى سِتَّةِ فُصُولٍ أَحَدُهَا فِي مِقْدَارِ الْعَقِيقَةِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُعَقُّ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، وَعِنْدَ مَالِكٍ يُعَقُّ عَنِ الْغُلَامِ شَاةٌ كَالْجَارِيَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْضِيلٍ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا، وَقَالَ آخرون: يعق

<<  <  ج: ص:  >  >>