للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالْمَوْقُوذَةُ} وَهِيَ الَّتِي تُضْرَبُ بِالْخَشَبِ حَتَّى تَمُوتَ، وَكَانَتِ المجوس تقذ، ولا تذبح، ليكون دمه فيه، ويقولون: هو أطيب وأسمن.

{وَالمُتَرَدِّيَةُ} وَهِيَ الَّتِي تَسْقُطُ مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ أَوْ في بئر حتى تموت.

{وَالنَّطِيحَةُ} وَهِيَ الَّتِي تَنْطَحُهَا أُخْرَى، فَتَمُوتُ النَّاطِحَةُ وَالْمَنْطُوحَةُ.

{مَا أَكَلَ السَّبْعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ) {المائدة: ٣) وَمَأْكُولَةُ السَّبُعِ هِيَ فَرِيسَتُهُ، الَّتِي أَكَلَ مِنْهَا، أَوْ لَمْ يَأْكُلْ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا كُلِّهِ، وإن كان داخلاً في عموم الميتة لأمرين:

أحدهما: لأنها ماتت بأسباب حتى لا تقدروا وإن أسباب موتها ذكاة.

والثاني: أنهم كَانُوا يَسْتَطِيبُونَ أَكْلَهَا مِنْ قَبْلُ، فَنَصَّ عليها في التحريم، ليزول الالتباس.

ومن قوله: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى مَأْكُولَةِ السَّبُعِ وَحْدَهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمُنْخَنِقَةِ، وَمَا بَعْدَهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَفِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُدْرِكَهَا وَلَهَا عَيْنٌ تَطْرِفُ أَوْ ذَنَبٌ يَتَحَرَّكُ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ فِيهَا حَرَكَةٌ قَوِيَّةٌ لَا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ.

ثُمَّ قَالَ: {وَمَا ذُبِحَ علَى النُّصُبِ) {المائدة: ٣) : وَفِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا أَصْنَامٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا يَذْبَحُونَ لَهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا أَوْثَانٌ كَانُوا يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا، لِأَصْنَامِهِمْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ أَنَّ الصَّنَمَ مُصَوَّرٌ يَعْبُدُونَهُ، وَالْوَثَنُ غَيْرُ مصور، يتقربون به إلى الضم، فَهَذِهِ كُلُّهَا مُحَرَّمَاتٌ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى تَحْرِيمِهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ.

ثُمَّ قَالَ: {وَأَنْ تَسْتَقِيمُوا بِالأَزْلاَمِ) {المائدة: ٣) وَفِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَا يَتَقَامَرُونَ بِهِ مِنَ الشَّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ أشهر أنها قداح ثَلَاثَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَى أَحَدِهَا: " أَمَرَنِي رَبِّي "، وَعَلَى الآخر " نهاني ربي " والآخر غفل، يضربونها وإذا أَرَادُوا سَفَرًا أَوْ أَمْرًا، فَإِنْ خَرَجَ: أَمَرَنِي رَبِّي فَعَلُوهُ، وَإِنْ خَرَجَ " نَهَانِي رَبِّي " تَرَكُوهُ، وَإِنْ خَرَجَ الْغُفْلُ أَعَادُوهُ.

وَفِي تَسْمِيَتِهِ: اسْتِقْسَامًا تأويلان:

<<  <  ج: ص:  >  >>