للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فارقه معنى التحريم أخف مما حله مَعْنَى التَّحْرِيمِ، فَثَبَتَ بِهَذَيْنِ أَنَّ أَكْلَ الصَّيْدِ أَوْلَى.

فَأَمَّا إِذَا وَجَدَ مَيْتَةً وَلَحْمَ صَيْدٍ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ، فَإِنْ قِيلَ: بِذَكَاتِهِ كَانَ أَوْلَى من الميتة وإن قيل: بنجاسته كان الْمَيْتَةُ أَوْلَى مِنْهُ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً وَطَعَامًا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْمَيْتَةُ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ أَكْلِهِ حَلَّتْ لَهُ الْمَيْتَةُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَأْذَنْ وَلَمْ يَمْنَعْ فَعَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمَيْتَةِ مَعَ الصَّيْدِ.

وَلَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ الْمَحْرِمُ صَيْدًا وَطَعَامَ الْغَيْرِ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: يَأْكُلُ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ أَخَفَّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْأَكْلِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مِيتَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا مَنْ جِنْسِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، كَالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَالْأُخْرَى مَنْ جِنْسِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَالسُّبُعِ وَالذِّئْبِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْأَكْلِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُمَا قَدِ اسْتَوَيَا فِي النَّجَاسَةِ بِالْمَوْتِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَأْكُلُ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ دُونَ مَا لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ لِلْمَأْكُولِ أَصْلًا فِي الْإِبَاحَةِ، فَكَانَ أولى مما لا أصل له في بالإباحة.

وَلَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مِيتَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا طَاهِرَةٌ فِي حَيَاتِهَا، وَالْأُخْرَى نَجِسَةٌ فِي حَيَاتِهَا، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَيَأْكُلُ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ خِنْزِيرًا؛ لِأَنَّهُمَا قَدِ اسْتَوَيَا فِي النَّجَاسَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنَ الطَّاهِرِ دُونَ النَّجَسِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي الطَّهَارَةِ أَصْلًا لَيْسَ لِلنَّجِسِ.

وَلَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً وَلَحْمَ ابْنِ آدَمَ أَكَلَ الْمَيْتَةَ، وَإِنْ كَانَ خِنْزِيرًا دُونَ لَحْمِ ابْنِ آدَمَ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ مِنْ حَقِّ الْأَكْلِ وَتَحْرِيمَ ابْنِ آدَمَ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ الْأَكْلِ، فَكَانَ أَغْلَظَ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ صَيْدًا وَلَحْمَ ابْنِ آدَمَ وَهُوَ محرمٌ أَكَلَ الصَّيْدَ تَعْلِيلًا بِمَا ذَكَرْنَا.

(فَصْلٌ:)

وَإِذْ قَدْ مَضَى مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَجَبَ أَنْ نُبَيِّنَ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنَ النَّبَاتِ وَالنَّبَاتُ عَلَى أربعة أقسام:

<<  <  ج: ص:  >  >>