للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ اعْتِبَارًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ عَقْدَيِ الْإِجَارَةِ وَالْجُعَالَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ السَّبَقُ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُ صَحِيحًا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا سُمِّيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ مَنْ بَطَلَ السَّبَقُ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَضَّلُوا عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا بِالْعَقْدِ، وَهَذَا مُسْتَحَقٌّ بِغَيْرِهِ.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا إِذَا جُعِلَ لِلْأَوَّلِ عَشَرَةٌ، وَلَمْ يُجْعَلْ لِلثَّانِي شَيْئًا، وَجُعِلَ لِلثَّالِثِ خَمْسَةٌ وَلِلرَّابِعِ ثَلَاثَةٌ، وَلَمْ يُجْعَلْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ شَيْئًا، فَالثَّانِي خَارِجٌ مِنَ السَّبَقِ لِخُرُوجِهِ مِنَ الْبَدَلِ وَمِنْ قِيَامِ مَنْ بَعْدَهُ مَقَامَهُ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَقُومُ الثَّالِثُ مَقَامَ الثَّانِي، وَيَقُومُ الرَّابِعُ مَقَامَ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ وُجُودُهُ بِالْخُرُوجِ مِنَ السَّبْقِ كَعَدَمِهِ، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ السَّبْقُ فِيهَا، بِالْمُسَمَّى لَهُمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ يَتَرَتَّبُونَ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَلَا يَكُونُ خُرُوجُ الثَّانِي مِنْهُمْ بِالْحُكْمِ مُخْرِجًا لَهُ مِنَ الثَّالِثِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ السَّبْقُ فِيهَا بَاطِلًا، لِتَفْضِيلِهَا عَلَى السَّابِقِ لَهُمَا، وَهَلْ يَكُونُ لَهُمَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا أَمْ لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُبْذَلَ الْعِوَضُ لِجَمَاعَتِهِمْ، وَلَا يُخَلَّى آخِرُهُمْ مِنْ عِوَضٍ، فَيُنْظَرَ، فَإِنْ سَوَّى فِيهِمْ بَيْنَ سَابِقٍ وَمَسْبُوقٍ كَانَ السَّبَقُ بَاطِلًا، وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ بَيْنَ السَّابِقِ وَالْمَسْبُوقِ، وَفَضَّلَ كُلَّ سَابِقٍ عَلَى كُلِّ مَسْبُوقٍ، حَتَّى يَجْعَلَ مُسْتَأْخِرَهُمْ أَقَلَّهُمْ سَهْمًا، فَفِي السَّبَقِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَائِزٌ اعْتِبَارًا بِالتَّفَاضُلِ فِي السَّبَقِ، فَعَلَى هَذَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا سُمِّيَ لَهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ السَّبَقَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ تكافؤوا فِي الْأَخْذِ، وَإِنْ تَفَاضَلُوا فِيهِ، فَعَلَى هَذَا هَلْ يَكُونُ بَاطِلًا فِي حَقِّ الْآخَرِ وَحْدَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بَاطِلٌ فِي حَقِّهِ وحده؛ لأن بِالتَّسْمِيَةِ لَهُ فَسَدَ السَّبَقُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا فِي حُقُوقِ جَمَاعَتِهِمْ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الْعَقْدِ مُرْتَبِطٌ بِآخِرِهِ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أُجْرَةَ مِثْلِهِ أَمْ لَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، فَهَذَا حُكْمُ السَّبَقِ الْأَوَّلِ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: " وَالثَّانِي يَجْمَعُ وَجْهَيْنِ وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلَيْنِ يُرِيدَانِ أن يستبقا بفرسيهما ولا يريد كل واحدٍ منهما أن يسبق صاحبه ويخرجان سبقين فلا يجوز إلا بالمحلل وهو أن يجعل بينهما فرساً ولا يجوز حتى يكون فرساً كفؤاً للفرسين لا يأمنان أن يسبقهما ".

<<  <  ج: ص:  >  >>