للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّلِيلُ عَلَيْهِمَا، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ هَاهُنَا كَلَامًا اشْتَمَلَ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ:

أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: " وَالنِّضَالُ فِيمَا بَيْنَ الرُّمَاةِ كَذَلِكَ فِي السَّبْقِ وَالْعِلَلِ " يُرِيدُ بِهَذَا الْفَصْلِ أَمْرَيْنِ:

- أَحَدُهُمَا: جَوَازُ النِّضَالِ بِالرَّمْيِ كَجَوَازِ السِّبَاقِ بِالْخَيْلِ.

وَالثَّانِي: اشْتِرَاكُهُمَا فِي التَّعْلِيلِ لِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ بِهِمَا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} (الأنفال: ٦٠) .

وَالْفَصْلُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: " يَجُوزُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَجُوزُ فِي الْآخَرِ " يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الْأَسْبَاقَ فِي النِّضَالِ ثَلَاثَةٌ كَمَا كَانَتِ الْأَسْبَاقُ فِي الْخَيْلِ ثَلَاثَةً:

أَحَدُهَا: أَنْ يُخْرِجَ الْوَالِي مَالَ السَّبَقِ فَيَجُوزَ كَجَوَازِهِ فِي الْخَيْلِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُخْرِجَهُ الْمُتَنَاضِلَانِ، فَلَا يَجُوزَ حَتَّى يَدْخُلَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلٌ يَكُونُ رَمْيُهُ كَرَمْيِهِمَا أَوْ أَرَمَى مِنْهُمَا، كَمَا لَا يَجُوزُ فِي الْخَيْلِ إِلَّا مُحَلِّلٌ يَكُونُ فَرَسُهُ كُفُؤًا لِفَرَسَيْهِمَا أَوْ أَكْفَأَ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُخْرِجَهُ أَحَدُ الْمُتنَاضِلَيْنِ، فَيَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ فِي الْخَيْلِ إِذَا أَخْرَجَهُ أَحَدُ الْمُتَسَابِقَيْنِ.

وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: " ثُمَّ يَتَفَرَّعَانِ " يُرِيدُ بِهِ أَمْرَيْنِ:

- أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَصْلَ فِي سِبَاقِ الْخَيْلِ الْفَرَسُ وَالرَّاكِبُ تَبَعٌ، وَالْأَصْلَ فِي النِّضَالِ الرَّامِي، وَالْآلَةُ تَبَعٌ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي سِبَاقِ الْخَيْلِ فَرَاهَةُ الْفَرَسِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُبْدِلَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ أَنْ يُبْدِلَ الرَّاكِبَ بِغَيْرِهِ.

وَالْمَقْصُودُ فِي النِّضَالِ حِذْقُ الرَّامِي، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُسْتَبْدَلَ بِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُبَدِّلَ آلَتَهُ بِغَيْرِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ فِي النِّضَالِ مِنْ تَفْرِيعِ الْمَرْمَى بِالْمُبَادَرَةِ وَالْمُخَاطَبَةِ مَا لَا يَتَفَرَّعُ فِي سِبَاقِ الْخَيْلِ.

وَالْفَصْلُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: " فَإِذَا اخْتَلَفَتْ عِلَلُهُمَا اخْتَلَفَا " يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ فِي سِبَاقِ الْخَيْلِ الْفَرَسَ دُونَ الرَّاكِبِ لَزِمَ تَعْيِينُ الْفَرَسِ، وَلَمْ يَلْزَمْ تَعْيِينُ الرَّاكِبِ، وَمَتَى مَاتَ الْفَرَسُ بَطَلَ السَّبْقُ وَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْعَاقِدُ، وَفِي بُطْلَانِهِ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ كَالْإِجَارَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>