للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى: مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ أَعْطَانَ الْإِبِلِ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ؛ لِأَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَبَّهَ الْإِبِلَ بِهَا، وَلَيْسَ مَرَاحُ الْغَنَمِ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخير أَنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ

وَالثَّانِي: أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَعْطَانِ تُعَرِّي عَنِ الْخُشُوعِ لِمَا يَخْشَى الْمُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نُفُورِ الْإِبِلِ وَلَيْسَ للغنم نفور فيخافه المصلي فيسقط به خشوعه، ألا تراه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَبَّهَ قَوْمًا بِالْإِبِلِ فَذَمَّهُمْ وَشَبَّهَ آخَرِينَ بِالْغَنَمِ فَمَدَحَهُمْ، وَقَالَ: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ الْغَنَمِ لينٌ مَشْيُهَا لَا تُؤْذِي مَنْ جَاوَرَهَا "

وَالثَّالِثُ: أَنَّ أَعْطَانَ الْإِبِلِ لَيْسَتْ عَلَى اسْتِوَاءٍ مِنَ الْأَرْضِ بَلْ يُرْتَادُ لَهَا الرَّفْعُ وَالْوَسَخُ وَالْمَكَانُ الْحَزَزُ، لِأَنَّهَا عَلَيْهِ أَصْلَحُ، وَلَا يُرْتَادُ لِلْغَنَمِ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا أَجْلَسَهَا تُرْبَةً وَأَعْلَاهَا بُقْعَةً، وَأَسَوَاهَا مَوْضِعًا، وَأَلْطَفَهَا مَرْبَعًا، لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إِلَّا فِيهِ وَلَا تُنْجِبُ إِلَّا عَلَيْهِ

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ فَلِمَ جَوَّزْتُمُ الصَّلَاةَ فِيهَا وَهَلَّا أَوْجَبَ النَّهْيُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ فِيهَا؟ قِيلَ: لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِهَا؛ لِأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِالشَّيَاطِينِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، لِأَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد مر به في صلاة شَيْطَانٌ وَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>