للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى فَسْخِ الْعَقْدِ، وَاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ مُسْتَجَدٍّ.

وَإِنْ قِيلَ بِجَوَازِهِ كَالْجِعَالَةِ جَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ أَحَدُهُمَا، لَكِنْ لَا يَصِيرُ الْآخِذُ دَاخِلًا فِيهِ إِلَّا أَنْ يَسْتَأْنِفَ الرِّضَا بِهِ، وَقِيلَ لِه: إِنْ شِئْتَ أَنْ تُرَامِيَهُ عَلَى هَذَا، وَإِلَّا مَلَكَ خِيَارَكَ.

فَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنِ الرُّمَاةِ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا أَرَادَ بِهِ على وجهين:

أحدهما: أراد مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ لُزُومِهِ وَجَوَازِهِ وَزِيَادَتِهِ، وَنُقْصَانِهِ، قَدْ قَالَهُ غَيْرُهُ وَتَقَدَّمَهُ بِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَصَحَّ مَذَاهِبِهِمْ عِنْدَهُ؛ لِيُعْلَمَ صَحِيحُهَا وَفَاسِدُهَا.

وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إِذَا سيما قَرْعًا يَسْتَبِقَانِ إِلَيْهِ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ:

أَحَدُهَا: إِنَّهُ أَرَادَ بِالْقَرْعِ صِحَّةَ الْإِصَابَةِ.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ أَرَادَ بِهِ عَدَدَ الْإِصَابَةِ.

وَالثَّالِثُ: إِنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَالَ النِّضَالِ.

وَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: كَمَا لَمْ يَكُنْ سِبَاقُهُمْ فِي الْخَيْلِ، وَلَا فِي الرَّمْيِ فِي الِابْتِدَاءِ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى غَايَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَزِيدَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى زِيَادَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مُرَادِ الْمُزَنِيِّ بِكَلَامِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ أَرَادَ اخْتِيَارَ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ دُونَ جَوَازِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُصِيبًا فِي اخْتِيَارِهِ، مُخْطِئًا فِي تَعْلِيلِهِ؛ لِأَنَّ أَظْهَرَ الْقَوْلَيْنِ لُزُومُهُ، فَصَحَّ اخْتِيَارُهُ، وعلل بأن لما لَمْ يَنْعَقِدْ إِلَّا بِاجْتِمَاعٍ، لَمْ يَنْفَسِخْ إِلَّا بِالِاجْتِمَاعِ وَهَذَا تَعْلِيلٌ فَاسِدٌ؛ بِالْعُقُودِ الْجَائِزَةِ كُلِّهَا مِنَ الْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْجِعَالَةِ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا وَيَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْفَسْخِ أَحَدُهُمَا.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ أَرَادَ بِهِ إِذَا دَعَا أَحَدُهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُخْطِئًا فِي تَأْوِيلِهِ، مُصِيبًا فِي تَعْلِيلِهِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يُوجِبْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا مَا اجْتَمَعَا عَلَى الرِّضَا بِهِ فِي الْقَوْلَيْنِ معاً.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِنْ أَصَبْتَ بِهَذَا السَّهْمِ فَقَدَ نَضَلْتُكَ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ رجلٌ لَهُ سَبَقًا إِنْ أَصَابَ بِهِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>