للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَفَّارَةِ وَلَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوتٌ غَيْرُ الْأَقِطِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَاعًا مِنْ أقطٍ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا أَنَّهُ كان يَأْمُرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْ بِعِلْمِهِ وَإِقْرَارِهِ عَلَيْهِ جَازَ إِخْرَاجُ الْأَقِطِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ، فَفِي جَوَازِ إخراجه في زكاة الفطرة وَالْكَفَّارَاتِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ عَلَى مَا نُصَّ عليه هاهنا في الكفارات لأنه قوت مدخر تحت الزَّكَاةِ فِي أَصْلِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ عَلَى مَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، لِأَنَّهُ مِمَّا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَمْ يجز إخراجه في الكفارة الزكاة، وَقَدْ جَعَلَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِ الصَّحَابِيِّ إِذَا لَمْ يُعَضِّدْهُ قِيَاسٌ، هَلْ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ أَوْ يُعْدَلُ إِلَى الْقِيَاسِ، فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْأَقِطِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَزَكَاةِ الْفِطْرِ، أَخْذًا بِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ يُعْدَلُ عَنْهُ إِلَى الْقِيَاسِ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الأقط.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ بلادٍ قوتٌ مِنْ طعامٍ سِوَى اللَّحْمِ أَدَّوْا مُدًّا مِمَّا يُقْتَاتُ أَقْرَبُ الْبُلْدَانِ إِلَيْهِمْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا اقْتَاتَ قَوْمٌ مَا لَا يُزَكَّى مِنَ الْأَقْوَاتِ، مِثْلُ أَنْ يَقْتَاتُوا اللَّحْمَ كَالتُّرْكِ، أَوِ اللَّبَنِ كَالْأَعْرَابِ، أَوِ السَّمَكِ كَسُكَّانِ الْبِحَارِ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ إِخْرَاجَ الْأَقِطِ لَا يُجْزِئُ لَمْ يَجُزْ إِخْرَاجُ غَيْرِهِ مِنَ اللَّحْمِ أَوِ اللَّبَنِ أَوِ السَّمَكِ، وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ يُجْزِئُ فَفِيهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُ، لِأَنَّهَا أَقْوَاتٌ كَالْأَقِطِ.

وَالثَّانِي: إِنَّهَا لَا تُجْزِئُ بِخِلَافِ الْأَقِطِ، لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وُجُودُ الْأَثَرِ فِي الْأَقِطِ، وَعَدَمُهُ فِي سواء.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَقِطَ يَبْقَى وَيُدَّخَرُ، وَلَيْسَ يَبْقَى مَا سِوَاهُ وَيُدَّخَرُ وَلَا يُكَالُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِذَا لَمْ يُجْزِهِمْ إِخْرَاجُ ذَلِكَ عَدَلُوا فِي كَفَّارَاتِهِمْ وَزَكَاةِ فِطْرِهِمْ إِلَى أَقْوَاتِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ، وَفِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُونَ مُخَيَّرِينَ بَيْنَ جَمِيعِهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَعْدِلُونَ إِلَى الْأَغْلَبِ مِنْ قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ بِهِمْ فَيُخْرِجُونَهُ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>