للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُورُ عِنْدَ دَفْعِهِ، وَلَا يَنْوِيَ الْآمِرُ عِنْدَ أَمْرِهِ، فَهُنَا يُجْزِئُ، لِأَنَّ اقْتِرَانَ النِّيَّةِ بِالدَّفْعِ أَصَحُّ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَنْوِيَ الْآمِرُ عِنْدَ أَمْرِهِ، وَلَا يَنْوِيَ الْمَأْمُورُ عِنْدَ دَفْعِهِ، فَفِي إِجْزَائِهِ وَجْهَانِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ وُجُوبِ اعْتِبَارِهِ النِّيَّةَ عِنْدَ الْعَزْلِ وَالدَّفْعِ، فَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِنَوْعٍ فَعَدَلَ إِلَى غَيْرِهِ كَانَ الْمَأْمُورُ ضَامِنًا لِمَا كَفَّرَ بِهِ سَوَاءٌ عَدَلَ عَنِ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى، كَعُدُولِهِ عَنِ الْإِطْعَامِ إِلَى الْعِتْقِ، أَوْ عَدَلَ عَنِ الْأَعْلَى إِلَى الْأَدْنَى، كَعُدُولِهِ عَنِ الْعِتْقِ إِلَى الْإِطْعَامِ، لِأَنَّ الْمَأْمُورَ مَقْصُورُ التَّصَرُّفِ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْأَمْرُ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْآمِرُ الْإِذْنَ لِلْمَأْمُورِ فِي التَّكْفِيرِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ عَلَى جِنْسِ مَا يُكَفِّرُ بِهِ لَمْ تَخْلُ الْكَفَّارَةُ مِنْ أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةَ تَرْتِيبٍ كَالْقَتْلِ وَالظِّهَارِ، فَإِطْلَاقُ إِذْنِ الْآمِرِ يُوجِبُ حَمْلَهُ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ أَوَجَبَ إِطْلَاقَ إِذْنِهِ أَنْ يَعْتِقَ عَنْهُ، وَإِنْ أَطْعَمَ ضَمِنَ وَلَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِطْعَامِ أَوَجَبَ إِطْلَاقُ إِذْنِهِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ، وَإِنْ أَعَتَقَ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الْمَالِ الَّذِي قَدْ مَلَكَهُ الْمُعْطَى، فَضِمْنَهُ الْمُعْطِي وَإِنْ كَانَتْ كَفَّارَةً لَحِنْثٍ مِثْلِ كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ، فَإِنْ كَفَّرَ الْمَأْمُورُ بِأَقَلِّ الْأَجْنَاسِ ثَمَنًا، فَكَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ دُونَ الْعِتْقِ أَجْزَأَ، سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا فِي مَالِهِ أَوْ غَيْرَ موجودٍ، وَإِنْ كَفَّرَ بِأَكْثَرِ الْأَجْنَاسِ ثَمَنًا فَكَفَّرَ بِالْعِتْقِ دُونَ الْإِطْعَامِ، فَلَا يَخْلُو مَالُ الْآمِرِ مِنْ أَرْبَعَةِ أحوال:

أحدها: أن يوجد في ملكه للأدنى مِنَ الْإِطْعَامِ، وَلَا يُوجَدَ فِيهِ الْأَعْلَى مِنَ الْعِتْقِ، فَيَصِيرَ الْمَأْمُورُ بَعْدَ عُدُولِهِ إِلَى الْعِتْقِ مِنْ غَيْرِ مِلْكِهِ خَارِجًا مِنْ حُكْمِ الْأَذَى، فَلَا يُجْزِئُ الْعِتْقُ، وَيَكُونُ عَنِ الْمَأْمُورِ دُونَ الْآمِرِ، وَالْكَفَّارَةُ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُوجَدَ فِي مِلْكِهِ الْأَعْلَى مِنَ الْعِتْقِ، وَلَا يُوجَدُ فِيهِ الْأَدْنَى مِنَ الطَّعَامِ فَهَذَا الْعِتْقُ يُجْزِئُ عَنِ الْآمِرِ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ؛ لِأَنَّ إِطْلَاقَ إِذْنِهِ مُتَوَجِّهٌ إِلَى مِلْكِهِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يُوجَدَ فِي مِلْكِهِ الْأَدْنَى مِنِ الْإِطْعَامِ، وَلَا الْأَعْلَى مِنَ الْعِتْقِ، فَلَيْسَ لَهُ التَّكْفِيرُ عَنْهُ بِالْأَعْلَى مِنَ الْعِتْقِ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ فَضْلَ الْقِيمَةِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ يُدْخِلُ وَلَاءَ الْمُعْتِقِ فِي مِلْكِ الْآمِرِ بِغَيْرِ إِذْنٍ.

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يُوجَدَ فِي مِلْكِهِ الْأَدْنَى مِنَ الطَّعَامِ وَالْأَعْلَى مِنَ الْعِتْقِ، فَهَلْ يَكُونُ إِطْلَاقُ الْإِذْنِ يُوجِبُ تَخْيِيرَ الْمَأْمُورِ، كَمَا كَانَ مُوجِبًا لِخِيَارِ الْآمِرِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ مُوجِبٌ لِخِيَارِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ أَقَامَهُ بِالْإِذْنِ فِيهِ مَقَامَ نَفْسِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَبْطُلُ الْعِتْقُ وَيُجْزِئُ عَنِ الْمُكَفِّرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّ التَّخْيِيرَ يَسْقُطُ فِي حَقِّ الْمَأْمُورِ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فِي حَقِّ الْآمِرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>