للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ

[(مسألة:)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْكِسْوَةِ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كسوةٍ مِنْ عمامةٍ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ إزارٍ أو مقنعةٍ وغير ذلك لرجلٍ أو امرأةٍ أو صبيٍّ ولو استدل بما يجوز فيه الصلاة من الكسوة على كسوة المساكين لجاز أن يستدل بما يكفيه في الشتاء والصيف أو في السفر من الكسوة وقد أطلقه الله فهو مطلقٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: خَيَّرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُكَفِّرَ عَنِ الْيَمِينِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إِطْعَامِ عَشَرَةِ أَوْ كِسْوَةِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْإِطْعَامِ فَأَمَّا الْكِسْوَةُ فَلَيْسَ لَهَا أَقَلُّ تُعْتَبَرُ بِهِ، فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا عَلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، قَمِيصٍ وَمِئْزَرٍ وَرِدَاءٍ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ إِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا أَقَلُّ مِنْ ثَوْبَيْنِ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ إِنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا كِسْوَةُ ثَوْبٍ جَامِعٍ كَالْمِلْحَفَةِ وَالْكِسَاءِ.

وَالرَّابِعُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ: إِنَّهُ لَا يُجْزِئُ مِنَ الْكِسْوَةِ إِلَّا مَا تُجْزِئُ فِيهِ الصَّلَاةُ إِنْ كَانَ لِرَجُلٍ، فَمَا يَسْتُرُ بِهِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَمَا تَسْتُرُ بِهِ جَمِيعَ بَدَنِهَا.

وَالْخَامِسُ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ: إِنَّهُ كِسْوَةُ ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكِسْوَةِ سَتَرَ الْعَوْرَةَ أَوْ لَمْ يَسْتُرْهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَصَحَّ الْأَقَاوِيلِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ مِنْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكِسْوَةِ سَوَاءٌ سَتَرَ الْعَوْرَةَ، وَأَجْزَأَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ أَمْ لَا؛ لأمرين:

أحدهما: التزام بقيمة متفق عليه، وما يجاوزه التزام زيادة يختلف فِيهَا، فَاعْتُبِرَ الْأَصْلُ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. وَالثَّانِي: إِنَّهُ لَا يَخْلُو إِطْلَاقُ الْكِسْوَةِ مِنَ اعْتِبَارِهَا بِمَا انْطَلَقَ عَلَيْهِ الِاسْمُ أَوْ بِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>