للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَالْعَبْدِ وَلَيْسَ بِأَسْوَأِ حَالًا مِنْهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَفِّرَ إِلَّا بِالصِّيَامِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْمَالِ، لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لِمَالِ مُكَاتَبِهِ ضَعِيفٌ، فَضَعُفَ إِذْنِهِ مَعَهُ، وَمِلْكَهُ لِمَالِ عَبْدِهِ قَوِيٌّ فَقَوِيَ إذنه معه.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَ إِلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لَزِمَهُ بِإِذْنِهِ وَلَوْ صَامَ فِي أَيِّ حالٍ أَجْزَأَهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَجِبَ عَلَى الْعَبْدِ الصِّيَامُ فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ إِذَا أَضَرَّ الصِّيَامُ بِخِدْمَةِ السَّيِّدِ فِي عَقْدِ يَمِينِهِ وَحِنْثِهِ مِنْ أَرْبَعَةِ أحوالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَحْلِفَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَيَحْنَثَ بِإِذْنِهِ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَصُومَ عَنِ الْكَفَّارَةِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لِأَنَّ مُوَجَبِي الْكَفَّارَةِ عَنْ إِذْنِهِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَيَحْنَثَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَصُومَ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي خِدْمَتِهِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَيَحْنَثَ بِإِذْنِهِ، فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَصُومَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لِأَنَّ وُجُوبَ الصِّيَامِ بِإِذْنِهِ.

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَحْلِفَ بِإِذْنِهِ وَيَحْنَثَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَفِي جَوَازِ صِيَامِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ عَقْدَ يَمِينِهِ بِإِذْنِهِ فَصَارَ مَا أَفْضَى إِلَيْهِ مِنَ الْحِنْثِ دَاخِلًا فِي حُكْمِ إِذْنِهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ كَانَ إِذْنًا لَهُ بِالنَّفَقَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْيَمِينِ مَانِعَةٌ مِنْ فِعْلِ الْحِنْثِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِذْنِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنَ الصَّوْمِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ على ما فصلناه لم يحل مِنْ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ فِيهِ مُؤَثِّرًا فِي الضَّعْفِ كَالصَّيْفِ أَوْ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ فِيهِ كَالشِّتَاءِ، فَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ صَائِفًا يُؤَثِّرُ فِي ضَعْفِ الصَّائِمِ فَهُوَ الْمَمْنُوعُ مِنَ الصِّيَامِ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ شَاتِيًا لَا يُؤَثِّرُ صِيَامُهُ فِي ضَعْفِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْذَانُ سَيِّدِهِ فِي صِيَامِهِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي عَمَلِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ اسْتِئْذَانُهُ وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ قَلَّ تَأْثِيرُهُ فِي إِضْعَافِهِ، فَالْفِطْرُ أَنْشَطُ لِعَمَلِهِ وَأَبْلَغُ فِي تَوَفُّرِهِ، فَإِنْ خَالَفَ الْعَبْدُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نُهِيَ عَنِ الصِّيَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>