للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زَيْدٌ، وَإِنْ أَكلَ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ، لَمْ يَحْنَثْ لِلِاحْتِمَالِ وَجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ أَكَلَ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَقَعُ بِالِاحْتِمَالِ، وَالْجَوَازِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ إن كان الطعام مانعاً، كَاللَّبَنِ، وَالْعَسَلِ، حَنِثَ بِأَكْلِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، لِامْتِزَاجِهِ، وَكَذَلِكَ الدَّقِيقُ لِأَنَّهُ كَالْمَانِعِ فِي الِامْتِزَاجِ، وَإِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا مِثْلَ التَّمْرِ، وَالرُّطَبِ، لَمْ يَحْنَثْ، حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ لِدُخُولِ الِاحْتِمَالِ فِي الْمُتَمَيِّزِ، وَانْتِفَائِهِ عَنِ الْمُمْتَزِجِ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: " لَوْ حَلَفَ عَلَى تَمْرَةٍ أَنْ لَا يَأْكُلَهَا فَوَقَعَتْ فِي تَمْرٍ كَثِيرٍ. فَأَكَلَهُ كُلَّهُ إِلَّا تَمْرَةً، لَمْ يَحْنَثْ " لِجَوَازٍ أَنْ تَكُونَ الْبَاقِيَةُ هِيَ التَّمْرَةَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، فَأَكَلَ مِنْ طَعَامٍ وَرِثَهُ زَيْدٌ، أَوِ اسْتَوْهَبَهُ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الشِّرَاءَ شَرْطًا فِي الْحِنْثِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَحْنَثُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَلِكُ زَيْدٍ، وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ فِي الشِّرَاءِ وَكِيلًا، فَأَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ غَيْرِهِ، وَحَنَّثَهُ مَالِكٌ، لِأَنَّهُ مِنْ مِلْكِهِ، ولو توكل زيد لغيره فَاشْتَرَى طَعَامًا لِمُوَكِّلِهِ، حَنِثَ الْحَالِفُ بِأَكْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ زَيْدٌ، لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعْقُودَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ، دُونَ الْمِلْكِ، وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً فَأَمَّا إِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ فِي الْحِنْثِ عَلَى نِيَّتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: " وَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارَ فلانٍ هَذِهِ بِعَيْنِهَا فَبَاعَهَا فلانٌ حَنِثَ بِأَيِّ وجهٍ سَكَنَهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نيةٌ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ مَا كَانَتْ لفلانٍ لَمْ يَحْنَثْ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ ملكِهِ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا حَلَفَ عَلَى دَارِ زَيْدٍ أَنْ لَا يَسْكُنَهَا، وَلَا يَدْخُلَهَا فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعَيِّنَ الدَّارَ فَيَقُولَ لَا دَخَلْتُ دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ، فَتَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً عَلَى عَيْنِ الدَّارِ، وَتَكُونَ إِضَافَتُهَا إِلَى زَيْدٍ تَعْرِيفًا فَإِنْ دَخَلَهَا، وَهِيَ عَلَى مِلْكِ زَيْدٍ حَنِثَ، بِإِجْمَاعٍ، وَإِنْ دَخَلَهَا بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا زَيْدٌ حَنِثَ عِنْدَنَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَزُفَرَ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْعَيْنِ دُونَ الْإِضَافَةِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ: لَا يَحْنَثُ بِزَوَالِ مِلْكِ زَيْدٍ عَنْهَا، وَجَعْلُ إِضَافَتِهَا إِلَى زَيْدٍ شَرْطًا فِي عَقْدِ الْيَمِينِ احْتِجَاجًا بِأَمْرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>