للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يحل خُرُوجُهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ إِذَا جَمَعَتْ فِيهِ بَيْنَ الْحَمَّامِ وَغَيْرِ الحمام على ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْحَمَّامِ، ثُمَّ تَعْدِلُ إِلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِقَصْدِ الْخُرُوجِ أَنَّهُ كَانَ إِلَى الْحَمَّامِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَخْرُجَ إِلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ، ثُمَّ تَعْدِلُ إِلَى الْحَمَّامِ، فَيَحْنَثُ اعْتِبَارًا بِقَصْدِ الْخُرُوجِ أَنَّهُ كَانَ إِلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ تَخْرُجَ جَامِعَةً فِي قَصْدِهَا بَيْنَ الْحَمَّامِ وَغَيْرِ الْحَمَّامِ، فَيَحْنَثُ، لِأَنَّ خُرُوجَهَا إِلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ مَوْجُودٌ، فَلَمْ يَمْنَعِ اقْتِرَانُهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحَمَّامِ مِنْ وُقُوعِ الْحِنْثِ بِهِ.

وَوَهِمَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، فَقَالَ: لَا يَحْنَثُ بِهِ تَغْلِيبًا لِمَا لَا يُوجِبُ الْحِنْثَ عَلَى ما يوجبه، وزلله فيه وَاضِحٌ، لِمَا عَلَّلْنَاهُ.

أَلَا تَرَاهُ لَوْ قَالَ لَهَا: إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْ زيداً وعمراً معاً طلقت، ولم يمنع كلاهما لِعَمْرٍو مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِكَلَامِهَا لِزَيْدٍ؟ !

(فَصْلٌ:)

فَأَمَّا الْإِذْنُ، فَقَدْ يَكُونُ تَارَةً بِالْقَوْلِ، وَتَارَةً بِالْكِنَايَةِ، وَتَارَةً بِالرِّسَالَةِ، وَتَارَةً بِالْإِشَارَةِ وَجَمِيعُهُ يَكُونُ إِذْنًا اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ فِيهِ.

وَسَوَاءٌ ابْتَدَأَ الزَّوْجُ بِالْإِذْنِ أَوْ سَأَلَتْهُ، فَأَذِنَ.

فَإِنِ اسْتَأْذَنَتْهُ وَأَمْسَكَ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ إِذْنٌ وَلَا مَنْعٌ، لَمْ يَكُنِ السُّكُوتُ إِذْنًا إِلَّا أَنْ تَقْتَرِنَ بِهِ إِشَارَةٌ، فَتَصِيرَ الْإِشَارَةُ إِذْنًا.

فَإِنْ أَذِنَ لَهَا، ثُمَّ رَجَعَ فِي إِذْنِهِ، لَمْ يَسْقُطْ حُكْمُ الْإِذْنِ بِرُجُوعِهِ، لِأَنَّ شَرْطَ الْبِرِّ وُجُودُ الْإِذْنِ، وَلَيْسَ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ شَرْطًا فِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ رجوعه قبل الخروج أبو بَعْدَهُ.

فَإِنْ شَرَطَ إِذْنًا بَاقِيًا، فَرَجَعَ فِيهِ حَنِثَ إِنْ كَانَ رُجُوعُهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ وَلَمْ يَحْنَثْ إِنْ كَانَ رُجُوعُهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ.

وَلَوْ شَرَطَ فِي يَمِينِهِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا بِإِذْنِ غَيْرِهِ، اعْتُبِرَ إِذْنُ ذَلِكَ الْغَيْرِ دُونَ الْحَالِفِ. وَلَوْ شَرَطَ إِذْنَهُمَا مَعًا حَنِثَ بِخُرُوجِهَا عَنْ إِذْنِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ أَذِنَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا، فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ: ائْذَنْ لَهَا عَنْ نَفْسِكَ، فَلَا يُجْزِئُ فِي الْبِرِّ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا الْغَيْرُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>