للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا عَيَّنَهَا بِاخْتِيَارِهِ فَجَعَلَ قَوْلَهُ: لَأَفْعَلَنَّ شَيْئًا مُعَيَّنًا فِي أَنْ يَرْكَبَ هَذِهِ الدَّابَّةَ، وَقَوْلُهُ: لَا فَعَلْتُ شَيْئًا مُعَيَّنًا فِي أَنْ يَرْكَبَ هَذِهِ الدَّابَّةَ، صَارَ هَذَا التَّعْيِينُ هُوَ الْمُرَادُ بِالْيَمِينِ، فَتَعَلَّقَ بِهِ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ دُونَ غَيْرِهِ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ قَبْلَ التَّعْيِينِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رُكُوبُهَا قَبْلَ التَّعْيِينِ تَعَلَّقَ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ بِمَا يَسْتَأْنِفُهُ مِنْ رُكُوبِهَا بَعْدَ التَّعْيِينِ.

وَإِنْ كَانَ قَدْ رَكِبَهَا قَبْلَ التَّعْيِينِ، فَفِي وُقُوعِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ بِهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَعْيِينِ الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ، هَلْ يُوجِبُ وُقُوعُهُ وَقْتَ اللَّفْظِ أَوْ وَقْتَ التَّعْيِينِ.

أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: يَقَعُ الطَّلَاقُ بِاللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ، فَعَلَى هَذَا يَتَعَلَّقُ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الرُّكُوبِ قَبْلَ التَّعْيِينِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ بِرٌّ وَلَا حِنْثٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقَعُ الطَّلَاقُ وَقْتَ التَّعْيِينِ، فَعَلَى هَذَا يَتَعَلَّقُ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ بِالرُّكُوبِ بَعْدَ التَّعْيِينِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَا تَقَدَّمَهُ بَرٌّ وَلَا حِنْثٌ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الِاسْمُ الْمُفَسَّرُ فَضَرْبَانِ، خَاصٌّ وَعَامٌّ.

فَأَمَّا الْخَاصُّ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ لَهُ حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ، كَالسِّرَاجِ حَقِيقَةً مَا اسْتَصْبَحَ بِهِ مِنَ النَّارِ وَمَجَازُهُ الشَّمْسُ. وَالْبِسَاطُ حَقِيقَةً الْفَرْشُ الْمَبْسُوطُ، وَمَجَازُهُ الْأَرْضُ، فَيَنْقَسِمُ فِي الْأَيْمَانِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْحَقِيقَةَ دُونَ الْمَجَازِ، فَيُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَةِ ظَاهِرِهِ لَفْظًا وَمُعْتَقَدًا، سَوَاءٌ كَانَ مَا أَرَادَهُ مِنَ الْحَقِيقَةِ شَرْعِيًّا أَوْ لُغَوِيًّا، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الزُّبْدَ لَمْ يَحْنَثْ بِاللَّبَنِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ التَّمْرَ لَمْ يَحْنَثْ بِالرُّطَبِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَجَازَ دُونَ الْحَقِيقَةِ، فَيُرِيدُ بِالسِّرَاجِ الشَّمْسَ دُونَ الْمِصْبَاحِ، وَبِالْبِسَاطِ الْأَرْضَ دُونَ الْفَرْشِ، وَبِاللَّحْمِ السَّمَكَ دُونَ اللَّحْمِ، وَبِلَمْسِ الزَّوْجَةِ وَطْئَهَا دُونَ مُلَامَسَتِهَا، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاللَّهِ تَعَالَى حُمِلَتْ عَلَى الْمَجَازِ دُونَ الْحَقِيقَةِ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ؛ لِاسْتِثْنَاءِ الحقيقة بينته، وَإِنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ حُمِلَتْ عَلَى المجاز في الْبَاطِنِ، وَحُمِلَتْ عَلَى أَغْلَظِ الْأَمْرَيْنِ فِي الظَّاهِرِ، وَسَوَاءٌ مَا كَانَ مَا أَرَادَهُ مِنَ الْمَجَازِ شَرْعِيًّا أَوْ لُغَوِيًّا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْجَمْعَ بَيْنَ حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ بِرِّهِ وَحِنْثِهِ، لِأَنَّهُ أَغْلَظُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَحُمِلَ السِّرَاجُ عَلَى الْمِصْبَاحِ وَالشَّمْسِ، وَيُحْمَلُ الْبِسَاطُ عَلَى الْفَرْشِ وَالْأَرْضِ، وَيُحْمَلُ اللَّحْمُ عَلَى السَّمَكِ وَاللَّحْمِ، وَيُحْمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>