للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِرَادَتِهِ فَافْتَرَقَ حُكْمُ الْعَكْسَيْنِ، لِافْتِرَاقِ الْعِلَّتَيْنِ، فَهَذَا أَصْلٌ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي أَحْكَامِ الْأَيْمَانِ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْخَاصَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الِاسْمُ الْعَامُّ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَامُّ اللَّفْظِ، عَامُّ الْمُرَادِ.

وَالثَّانِي: عَامُّ اللَّفْظِ، خَاصُّ الْمُرَادِ.

فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ، فَهُوَ مَا كَانَ عَامَّ اللَّفْظِ عَامَّ الْمُرَادِ، فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا كَانَ عُمُومُهُ فِي لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ.

وَالثَّانِي: ما كان عمومه في معناه دُونَ مَعْنَاهُ.

وَالثَّالِثُ: مَا كَانَ عُمُومُهُ فِي مَعْنَاهُ دُونَ لَفْظِهِ.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَا كَانَ عُمُومُهُ فِي لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، فَمِثْلُ قَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا كَلَّمْتُ النَّاسَ، فَيُحْمَلُ عَلَى عُمُومِ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ فِي حِنْثِهِ بِكَلَامِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى بِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْكَلَامِ مِنْ سَلِيمٍ وَسَقِيمٍ.

وَمِثْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم) {العنكبوت: ٦٢) . وَقِيَاسُهُ فِي الْأَيْمَانِ أَنْ يَقُولَ: وَاللَّهِ لَا أَكَلْتُ اللَّحْمَ، فَيُحْمَلُ عَلَى عُمُومِ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، فَيَحْنَثُ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ اللَّحْمِ عَلَى كُلِّ صِفَةٍ مِنَ الْأَكْلِ ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ مَا عُمُومُهُ فِي لَفْظِهِ دُونَ مَعْنَاهُ، فَمِثْلُ قَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا أَكَلْتُ الْحِنْطَةَ، فَيَحْنَثُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ مَا حَدَثَ عَنِ الْحِنْطَةِ مِنْ دَقِيقٍ وَسَوِيقٍ وَخُبْزٍ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَا أَكَلْتُ الرُّطَبَ يَحْنَثُ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الرُّطَبِ، وَلَا يَحْنَثُ بِمَا حَدَثَ مِنَ الرُّطَبِ عَنْ تَمْرٍ وَبُسْرٍ.

وَقَوْلُهُ: لَا أَكَلْتُ اللَّبَنَ يَحْنَثُ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ اللَّبَنِ، وَلَا يَحْنَثُ بِمَا حَدَثَ عَنِ اللَّبَنِ مِنْ جنب وَمَصْلٍ وَزُبْدٍ وَسَمْنٍ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى عموم لفظه دون معناه، وهذا مختص بِمَا إِذَا تَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ، وَزَالَ عَنِ اسْمِهِ، فَاجْعَلْ ذَلِكَ قِيَاسًا مُطَّرِدًا فِي نَظَائِرِهِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مَا كَانَ عُمُومُهُ فِي مَعْنَاهُ دُونَ لَفْظِهِ، فَمِثْلُ قَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا أَكَلْتُ عَسَلًا، فَأَكَلَ خَبِيصًا فِيهِ عَسَلٌ. وَلَا أَكَلْتُ دَقِيقًا، فَأَكَلَ خَبِيصًا فِيهِ دَقِيقٌ.

وَلَا أَكَلْتُ سَمْنًا، فَأَكَلَ خَبِيصًا فِيهِ سَمْنٌ حَنِثَ فِي هَذِهِ كُلِّهَا، لِأَنَّ فِي الْخَبِيصِ عَسَلًا وَدَقِيقًا وَسَمْنًا، فَيَصِيرُ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى عُمُومِ مَعْنَاهُ دُونَ لَفْظِهِ، وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِمَا إذا حدث له اسم بالمشاركة لَمْ يَزُلِ الِاسْمُ الْخَاصُّ عَنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>