للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " ومن نذر بدنةً لم يجزئه إِلَّا ثنيٌّ أَوْ ثنيةٌ وَالْخَصِيُّ يُجْزِئُ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ بَدَنَةً فبقرةٌ ثنيةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فسبعٌ مِنَ الْغَنَمِ تُجْزِي ضَحَايَا وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى بدنةٍ مِنَ الْإِبِلِ لَمْ يُجْزِئْهُ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ إِلَّا بِقِيمَتِهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ نَذْرَ الْهَدْيِ يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَا عُيِّنَ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْهَدْيِ الْمَشْرُوعِ، كَالْمَتَاعِ الْمَنْقُولِ، وَالْعَقَارِ، غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُمَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْهَدْيِ الْمَشْرُوعِ، كَمَنْ نَذَرَ هَدْيَ بَدَنَةٍ، أَوْ بَقَرَةٍ، أَوْ شَاةٍ بِعَيْنِهَا فَعَلَيْهِ إِيصَالُهَا إِلَى الْحَرَمِ، سَوَاءٌ أَجْزَأَتْ فِي الضَّحَايَا لِسَلَامَتِهَا وَكَمَالِ سِنِّهَا، أَوْ لَمْ تُجْزِئْ فِي الضَّحَايَا، لِعَيْبٍ، أَوْ صِغَرٍ، فَإِنْ أَرَادَ الْعُدُولَ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، لَمْ يُجْزِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَعْدُولُ أنه عنها أفضل، أو أنقص، وعليه علفها، ومؤونتها، حَتَّى تَصِلَ إِلَى مَحَلِّهَا، فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ وصولها، لم يخل تلفها من ثلاثة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتْلِفَ لَهَا فَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا، أَوْ مِثْلِهَا، لِأَنَّ أَكْثَرَهَا حَقُّ الْمَسَاكِينِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُتْلِفَهَا غَيْرُهُ فَلَيْسَ عَلَى الْمُتْلِفِ إِلَّا قِيمَتُهَا فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ صَرَفَهَا فِي مِثْلِهَا، وَفِي مَصْرِفِ الزِّيَادَةِ عَلَى المِثْل وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: فِي مِثْلٍ آخَرَ، أَوْ جُزْءٍ مِنْ مِثْلٍ آخَرَ.

وَالثَّانِي: يَصْرِفُهَا إِلَى الْمَسَاكِينِ وَرِقًا.

وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ فَهَلْ يَلْزَمُ النَّاذِرَ تَمَامُ ثَمَنِ مِثْلِهَا، أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ تَمَامُ ثَمَنِ الْمِثْلِ، لِاسْتِحْقَاقِ الْمَسَاكِينِ لَهُ بِالنَّذْرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِتْمَامُ الثَّمَنِ، لِأَنَّهُ قَدْ سَاقَ مَا نَذَرَ.

فَعَلَى هَذَا فِي مَصْرِفِ الْقِيمَةِ النَّاقِصَةِ عَنِ الْمِثْلِ، مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ:

أَحَدُهُمَا: يُصْرَفُ فِي بَعْضِ الْمِثْلِ.

وَالثَّانِي: يُصْرَفُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَرِقًا.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَتْلَفَ بِنَفْسِهَا، فَفِي ضَمَانِهَا عَلَيْهِ وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>