للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُرْفَ الشَّرْعِ مَعَ وُجُودِ الِاسْمِ، إِمَّا حَقِيقَةً، أو مجازاً، لتكون معانيها تعباً لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الشَّرْعِ تَبَعًا لِمَعَانِيهَا، وَاسْمُ الْبَدَنَةِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى الطَّعَامِ حَقِيقَةً، وَلَا مَجَازًا وَإِنْ كَانَتْ تَنْطَلِقُ عَلَى الْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، إِمَّا حَقِيقَةً، وَإِمَّا مَجَازًا، فَصَارَ الطَّعَامُ مَسْلُوبَ الِاسْمِ، وَإِنْ كَانَ بَدَلًا مَشْرُوعًا، كَمَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ فَعَدِمَهُ لَمْ يَعْدِلْ عَنْهُ إِلَى الصِّيَامِ، وَإِنْ كَانَتْ بَدَلًا مِنَ الْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَاتِ.

(فَصْلٌ:)

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَخُصَّ اسْمَ هَدْيِهِ بِنَوْعٍ مِنْ أَجْنَاسِهِ فَيَقُولُ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَدَنَةً مِنَ الْإِبِلِ، فَيَصِيرُ نَذْرُ هَدْيِهِ مَقْصُورًا عَلَى مَا نَوَاهُ مِنْ خُصُوصِهِ، فَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ مَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْإِبِلِ، وَفِي اعْتِبَارِ سِنِّهِ وَسَلَامَتِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ، فَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْإِبِلَ فَفِي عُدُولِهِ إِلَى بَدَلِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا بَدَلَ لَهَا، لِأَنَّهُ عَيَّنَهَا فِي الْوُجُوبِ، فَلَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ إِلَى غَيْرِ مَا أَوْجَبَ، وَكَانَتِ الْبَدَنَةُ بَاقِيَةً فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَجِدَهَا، كَمَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ، فَلَمْ يَجِدْهُ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَجِدَهُ، وَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إِلَى بَدَلٍ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ إِطْعَامٍ، وَإِنْ كَانَ بَدَلًا مِنْهُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَعْدِلَ عَنْهَا إِلَى بَدَلِهَا، وَهِيَ بَقَرَةٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالنَّذْرِ نَفْعُ الْمَسَاكِينِ، بِلَحْمِهَا، وَهُمْ مُنْتَفِعُونَ بِلُحُومِ الْبَقَرِ، كَانْتِفَاعِهِمْ بِلُحُومِ الْإِبِلِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى فَارَقَ نَذْرَ الْعِتْقِ، فَعَلَى هَذَا فِي حُكْمِ انْتِقَالِهِ إِلَى الْبَقَرَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَيْهَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ دُونَ الْقِيمَةِ، فَيَنْتَقِلُ إِلَى الْبَقَرَةِ قَلَّ ثَمَنُهَا، أَوْ كَثُرَ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْبَقَرَةَ، انْتَقَلَ عَنْهَا إِلَى سَبْعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْدِلَ إلى إطعام ولا صيام، وإن كان بَدَلًا مِنْهَا، فِي تَكْفِيرِ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ، لِأَنَّ اسْمَ الْبَدَنَةِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِمَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَعْدِلُ إِلَى الْبَقَرَةِ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ قِيمَةِ الْبَدَنَةِ، فَإِنْ كَانَتِ الْبَقَرَةُ أَكْثَرَ مِمَّا لَزِمَهُ، نَحَرَ بَقَرَةً، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَدَنَةِ أَكْثَرَ صَرَفَهَا فِيمَا أَمْكَنَ مِنَ الْبَقْرِ وَلَوْ فِي عَشْرِ بَقَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْبَقَرَ عَدَلَ إِلَى الْغَنَمِ، وَفِيهِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَعْدِلُ عَنْهَا إِلَى سَبْعٍ مِنَ الْغَنَمِ، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قِيمَةٍ، قَلَّ ثَمَنُهَا أَوْ كَثُرَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَعْدِلُ إِلَى الْغَنَمِ بِالْقِيمَةِ، وَفِي الْقِيمَةِ الَّتِي يَعْدِلُ عَنْهَا إِلَى الْغَنَمِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْبَدَنَةِ، أَوْ سَبْعٍ مِنَ الْغَنَمِ، لِأَنَّ الْبَدَنَةَ هِيَ الْأَصْلُ الْمَنْذُورُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>